للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يعوّق (السلف الصالح) عن النهوض؛ فما سمعنا أبداً أن الأزياء توحدت في أمة إسلامية في العصور التي يلقبونها بالعصور الذهبية، حتى يصح القول بأن اختلاف الأزياء هو السبب في تخلف الأمة المصرية، والأستاذ الذي أتعب نفسه في الكلام عن انحلال الأغاني الشعبية لم يأت بجديد، فقد قيل هذا الكلام ألوف المرات، ولم يكن توكيده في احتياج إلى صيحة من عميد إحدى الكليات!!

وأرجع فأقول إني أكره أن يعيش الجيل الجديد بلا بصيرة ولا يقين، لأن هذا الضرب من العيش ليس إلا ضرباً من الموت، وإليكم أسوق بعض الشواهد:

كثر القول في الدعوة إلى إصلاح الأزهر والمعاهد الدينية، وقد شغلت نفسي بهذا الموضوع حيناً من الزمان؛ ثم انصرفت عنه كل الانصراف، حين شعرت بضعف الأساس الذي رجوت أن يقام عليه البناء.

ولتوضيح هذا المعنى أقول: إني رأيت الأزهر بين لا يثقون بمعهدهم إلا ثقة صورية، ولو شئت لصرحت بأنهم يثورون عليه ثورة لا يسترها غير الكبت، بدليل أنهم لا يلتفتون إليه حين يجدون فرصة للتحرر والانطلاق.

كانت مشيخة الأزهر إلى الشيخ سليم البشري، ومع ذلك رّبى جمهور أبنائه مدنية لا دينية. ثم كانت إلى الشيخ أبى الفضل الجيزاوي، ومع ذلك ربى أبنائه تربية مدنية لا دينية. ثم كانت إلى أستاذنا الشيخ الأحمدي الظواهري، وقد ربى أبنائه تربية مدنية. وشيخ الأزهر اليوم هو أستاذنا المراغي؛ وقد ربى أبنائه تربية مدنية، وأبنه مرتضى وكيل محافظة القنال وليس شيخاً لمعهد طنطا أو دسوق؛ فماذا ترون في مغزى هذا الشاهد الطريف؟ ألا يدلكم على أن الأزهريين لا يثقون بمعهدهم إلا ثقة صورية؟

وإن كان الأزهر هو المثل الأعلى في إعداد الشبان للحياة الدينية والدنيوية فكيف يفوت شيوخه الإجلاء أن يصونوا أبناءهم بالالتجاء إلى حصنه الحصين؟

وإن لم يكن صالحاً لتربية هؤلاء الأبناء فكيف يفوت أولئك الآباء أن يصارحوا الأمة برأيهم فيه وهم هداتها إلى الدنيا والدين؟

كان يتفق لبعض كبار العلماء أن يوزعوا أبناءهم بين المعاهد الدينية والمدارس المدنية، كما صنع الشيخ محمد شاكر والشيخ عبد المجيد اللبان؛ ولكن هذه الظاهرة قد انقرضت ولم

<<  <  ج:
ص:  >  >>