للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الحوادث في هذا العهد نشوب الحرب الإسبانية الامريكية، وفقد إسبانيا لباقي مستعمراتها، وكان سبب نشوبها الخلاف بين إسبانيا وأمريكا على جزيرة كوبا، وتطلع أمريكا إلى انتزاعها من إسبانيا. ونشبت الحرب بين الدولتين سنة ١٨٩٨، وهزمت إسبانيا وحطمت قواها البحرية، وفقدت كوبا وباقي مستعمراتها في الهند الغربية، وفقدت أيضاً جزائر الفلبين الغنية في الهند الشرقية، ولم يبق لها شيء من تراثها العريض فيما وراء البحار وكبدتها الحرب نفقات باهظة أنضبت مواردها وأثقلت كاهلها مدى حين.

وفي مايو سنة ١٩٠٢ توج الملك الفونسو الثالث عشر، وهو في السادس عشر من عمره، وتولى زمام الحكم، وبدأ بذلك عهد جديد من الملوكية الإسبانية استطال مدى ثلاثين عاما، وكان عهد الفصل في تاريخها. وأبدى الفونسو منذ ولايته همة ونشاطا، بيد انه لم يمض نحو عام حتى توفي السنيور ساجستا رئيس الوزراء وزعيم الأحرار، وكان سياسيا بارعا يتمتع بكفايات جمة، فاضطربت شؤون الحكم، وانتقلت السلطة إلى المحافظين، وتعاقبت منهم في الحكم خمسة وزارات في نحو ثلاثة اعوام، واخذ الملك الجديد يواجه كل الصعاب التي واجهها إسرافه. وكان الفونسو الثالث عشر يبدي منذ البداية ميولا رجعية قوية ويلتمس الوسائل المختلفة لمقاومة النزعات الحرة والحريات الدستورية، ويعتمد في تنفيذ سياسته على العناصر الرجعية المحافظة وبجمعها حوله، وكان ذلك سببا في بث السخط حول العرش وحول شخصية حتى انه دبرت يوم زواجه من الأميرة فكتوريا أوجيني ابنة آخي الملك إدوارد السابع، أول محاولة لاغتياله (سنة ١٩٠٦)، وبدأت من ذلك الحين سلسلة من الاعتداءات شاء القدر أن ينجو منها جميعا. وكانت الحركات والنزعات الديمقراطية والثورية أثناء ذلك تنمو وتشتد وخصوصا في مقاطعة قطلونية. وكانت قطلونية فوق ذلك مسرح حركة انفصالية قوية ومهد معركة مضطرمة بين الوطنيين القطلان والراديكاليين المركزيين بزعامة السنيور ليرو. وعاد الأحرار إلى منصة الحكم منذ سنة ١٩٠٥ على يد زعيمهم موريه واستمروا بضعة أعوام؛ ولكن الملك ما لبث أن عاد إلى محالفة المحافظين، وكانت المسالة المراكشية تشغل إسبانيا منذ حين، وكانت قد سويت مع فرنسا في سنة ١٩٠٤ بمعاهدة فرنسية إسبانية، اعترف فيها بحقوق إسبانيا، وحددت المنطقة الإسبانية تحديدا يرضي أمانيها. ولكن المسالة المراكشية استمرت شغلا

<<  <  ج:
ص:  >  >>