شاغلا للسياسة الإسبانية، بل غدت كما سنرى كابوس السياسة الإسبانية مدى أعوام طويلة، وكانت عاملاً جوهرياً في تطور الحوادث في إسبانيا، وفي تذرع العناصر الرجعية بإقامة حكم الطغيان الشامل الذي لبث عدة أعوام يخمد أنفاس الشعب الإسباني، ثم انتهى بذلك الانفجار الحاسم الذي حطم صرح الملوكية القديمة، وحقق في إسبانيا آمال الديمقراطية كاملة شاملة.
وخلف المحافظون الأحرار في منصة الحكم على يد زعيمهم السنيور مورا، وفي ذلك الحين اشتدت الحركة الثورية في قطلونية، واضطرمت الحرب في مراكش في نفس الوقت لأن بعض قبائل الريف هاجمت الخط الحديدي الذي يربط المناجم الاسبانية؛ وقررت الحكومة أن تعبئ الجنود الاحتياطية القطلونية، فثارت قطلونية احتجاجا على ذلك، ونظم إعتصاب عام في برشلونة امتد إلى باقي أنحاء الولاية (يوليه سنة ١٩٠٩) وانفجر بركان الثورة فقبضت العسكرية على زمام السلطة، وقمعت الثورة بمنتهى القسوة، واعدم الزعيم الثوري فرانشيسكو فيرر؛ فازدادت البلاد سخطا، واضطرت الوزارة المحافظة إلى الاستقالة، وعاد الأحرار إلى الحكم أولاً على يد السنيور موريه، ثم بعد استقالته على يد السنيور كاناليخاس (فبراير سنة ١٩١٠). واستمرت الوزارة الحرة في الحكم حتى مقتل رئيسها كاناليخاس في نوفمبر سنة ١٩١٢. وامتاز هذا العهد بحادثين في منتهى الخطورة، أولهما: اضطرام المعركة بين الحكومة الحرة والكاثوليك، بسبب اضطهاد الحكومة للكاثوليك وسخط الفاتيكان من اجل ذلك؛ والثاني قيام الخلاف بين إسبانيا وفرنسا بسبب المسالة المراكشية. وكانت فرنسا تزداد توسعا في مراكش حتى شعرت إسبانيا أنها تهدد منطقتها ومصالحها وانتهزت ألمانيا هذه الفرصة للتنويه بمصالحها في مراكش، وأرسلت الطرد (بانتير) إلى مياه أغادير بحجة حماية مصالحها، واضطرت فرنسا إلى أن ترضي ألمانيا بتحقيق بعض مطالبها في الكونغو، واضطرت من جهة أخرى أن تحترم سياسة إسبانيا على المنطقة الإسبانية وكان ذلك فوزا للوزارة الحرة، ولكن اشتدادها في إخماد الحركة الثورية في قطلونية انتهى بمقتل رئيسها (نوفمبر سنة ١٩١٢)، فخلفتها وزارة محافظة برئاسة السنيور داتو لبثت في منصة الحكم حتى ديسمبر سنة ١٩١٥، وفي عهدها نشبت الحرب الكبرى. وأعقبتها وزارة حرة برئاسة الكونت رومانونيس، فاستمرت حتى