مالك ولا ينقل السرور الذي يستمتع به صاحبه أو يشتري منه بمال.
وهذه تفرقة سارية في عرف السوق؛ ولكنها ليست بسارية في عرف الحياة
فسرور الأب بابنه لا ينقل ولا يباع، ولكنه مع هذا أنفس من نفائس الأموال
وسرور العين بالجمال لا ينقل ولا يباع، ولكنه مع هذا ثروة تفلس الدنيا بفقدانها أيما إفلاس ومقياس النفاسة، صعد الاقتصاديون أو هبطوا، وصاح رجال المال أو سكتوا، هو في نهاية الأمر مقدار ما توحيه من شعور.
فالعمارة لا تساوي حفنة من تراب إذا كانت لا تنتقل من يد إلى يد ولا يصطحب انتقالها بسرور بائع أو سرور شار أو سرور مستأجر
ونفس واحد من لفيفة واحدة أنفس من جميع العمارات التي لا نترجمها شعوراً في حالة البيع أو الشراء أو حالة الاستئجار، أو في حالة النظر إليها إن كان النظر إليها باعث شعور.
أليس الاطمئنان إلى الرزق هو خير ما تقتني من أجله العمارات؟ فالاطمئنان إذن هو ثمن العمارة الصحيح، ولولا أنه شعور مطلوب لما بذلت في أضخم العمارات أرخص الدريهمات. ولكن هب مالك العمارة غير مطمئن إلى رزقه؟ وهبه خائفاً عليها من الحريق أو خائفاً عليها من إفلاس شركات التأمين؟ وهبه كثير الهواجس من جراء ملكها ومنازعات المنازعين فيها، فهي إذن فقر في حسابه وفقر في حساب كل مقتن لها يشعر في اقتنائه إياها بمثل هذا الشعور
نسي الناس هذه الحقيقة وخسروا بنسيانها، لأن العملة سكت عقولهم بطابعها فأصبحت القيمة مرهونة بما يباع بكذا من الدراهم أو كذا من الدنانير، وبطلت القيم النفسية التي هي الأساس وهي المرجع في تقويم متع الحياة
ولو بقيت لنا رغباتنا وآمالنا كما كانت قبل اختراع النقد واختراع المال على الإجمال لتغير وجه التاريخ وتغيرت هموم النفوس وتغيرت أسباب الحروب والخصومات وأسباب النضال على العروض والمدخرات
ولتقريب هذا المعنى تخيل أن العملة وبديلاتها ستبطل بعد أسبوع فماذا يكون؟ إنك لتبصر في هذه الحالة من يعطي بيتاً ليشرب قدحاً من الليمون وليس بنادم ولا معدود من السفهاء