يجب أن نفهم المفسدين أنهم حبائل الشيطان، وأننا لا نجهل السر في حرصهم على إذاعة ما يدعون من مبادئ وآراء؛ فهم جماعات من العاجزين عن طلب الرزق من وجهه الصحيح، ومن كانوا كذلك فمن واجبهم نحو بطونهم أن يلبسوا ملابس الدعاة إلى الحق، والحق منهم براء!
كل دعوة إلى الفرقة لها سبب تعرفه أمعاء المفسدين، والرجل الصادق في الدين والوطنية لا يرضيه أبداً أن يثور بين قومه خلاف يصل إلى تمزيق الأواصر والصلات
ولن نستطيع رفع القواعد من بناء الوحدة العربية إلا إن ضمنّا السلامة من مكايد اللذين يؤذيهم أن تزول أسباب الخلاف، ومن الخلاف تمتلئ بطونهم الخاوية، قاتلهم الله أنى يؤفكون!
وهنالك عقبة رابعة هي غفلة الصحافة عن رعاية الوحدة العربية، وفي شرح هذه النقطة أضرب بعض الأمثال:
كاتب مصري يقول: إن مصر أفضل الأمم العربية
وكاتب سوري يقول: إن المصريين ليسوا بعرب وإنما هم فراعين
وكاتب عراقي يقول: ليس للعروبة وطن غير العراق
فأمثال هؤلاء الكتّاب يجب صلم آذانهم بدون ترفق، لأنهم دعاة الفرقة والشتات
وأنا أقبل أن يجرح المصري مصر، ولو بسوء نية، ولكني أرفض أن يجرحها أحد إخواني في الشام أو العراق، ولو بحسن نية، وكذلك الحال هنالك، فالسوريون والعراقيون يقول كل منهم في بلده ما يشاء، ولكنه يغضب ويثور حين يغمز بلده في جريدة مصرية، ولو كان الكاتب أصدق أنصار الوحدة العربية
وفي هذا المقام أذكر أني عاديت رجالاً من أهل لبنان لأنهم قالوا في مصر كلاماً لا يقاس إلى بعض ما أقوله فيها من حين إلى حين
وقد أطلعت وأن طالب في السوربون على جريدة لبنانية تشكّك العرب في مركز مصر الأدبي، فحفظت تلك الجريدة، ونقلتها مع أمتعتي من باريس إلى القاهرة، ومن القاهرة إلى بغداد، وقد مزقت ما مزقت من الجرائد والمجلات لأخفف العبء عن مكتبتي بعض التخفيف، ثم ظلت تلك الجريدة في أمان من التمزيق، لأرد عليها بعنف حين تسمح