وهل تكون المدرسة في كل أوقاتها كدحاً في كدح، ونضالاً في نضال؟
إن العلة الأساسية هي الشعور بأن التلميذ مسئول عن النظر إلى الدنيا بعين المدرس، وهذا شعور خاطئ، فالمدرسون والتلاميذ يمثلون جيلين مختلفين، ولا يتم بينهما التوافق إلا إذا روعي هذا الاختلاف.
وإذا شعر التلميذ بأن أستاذه يتجاوز عن هفواته في بعض الأحايين أضمر له الحب، وانساق إلى الطاعة بأدب وإخلاص.
أكتب هذا وتحت يدي وثائق تشهد بأن ضرب التلاميذ لا يزال مباحاً في بعض المدارس الأولية والابتدائية، أما المدارس الثانوية فتلاميذها يستطيعون الدفاع عن أنفسهم إذا اشتجر القتال!
الضرب ممنوع، ممنوع، ممنوع،
والمدرس الحق هو الذي يشغل تلاميذه عن اللهو بجذبهم إلى موضوع الدرس بحيث تضيق صدورهم من التلميذ الذي لا يراعي أدب الاستماع، ومتى صار التلاميذ من جنود المدرس أصبح من حقه أن يقول إنه من كبار المربين.
الغداء في المدارس
أكثر المدرس الأهلية والأجنبية لا تقدِّم لتلاميذها طعام الغداء، فما سبب ذلك؟
يرجع السبب إلى أن المصروفات المدرسية بدون الغداء تبدو هينة، فإذا أضيف إليها الغداء ظهرت عسيرة الاحتمال.
والمدارس التي لا تغدي تلاميذها تسمح لهم بالخروج ساعتين، ليتغدوا في بيوتهم أو حيث شاءوا. وفي أغلب الأحوال يأخذ التلاميذ من آبائهم ثمن الغداء، ثم يتغدون في المطاعم السوقية، وقد يؤثرون الجوع ليدخروا من تلك القروش ما يعينهم على قضاء بعض السهرات. . . والمهم هو النظر في الساعتين اللتين يقضيهما التلميذ بعيداً من المدرسة وبعيداً من البيت، فماذا ترونه يصنع في هاتين الساعتين؟
هل ترونه يصنع ما كان يصنع أمثاله يوم كانت الدنيا بخير، ويوم كان التلميذ يذهب إلى أقرب مسجد فيصلى الظهر ثم يراجع دروسه بشغف وشوق؟