وثانيهما أستاذي في أكثر ما تلقيت من العلوم الدينية وهو الشيخ يوسف الدجوي، ولم أستطع الرد على هذين الأستاذين الجليلين - وكان يشرفني أن أجاريهما في ميدان النضال - لأني علمت من إدارة الجامعة عن طريق الأستاذ سامي راغب أن مساعد السكرتير العام بوزارة المعارف وهو الأستاذ محمود فهمي النقراشي طلب من الأستاذين جاد المولى وخير الدين أن يقدما تقريراً عن امتحان زكي مبارك في الدكتوراه، ولأن الدكتور طه والدكتور منصور نصحاني بالسكوت عما أثار امتحاني من جدال، وهي نصيحة سجلها الدكتور طه في جريدة السياسة وهو ينقد كتاب (مدامع العشاق) في أوائل سنة ١٩٢٥
وأقول أن قلبي انتقل من مكان إلى مكان بسب هجوم الشيخ أحمد مكي والشيخ يوسف الدجوي، فما كنت أنتظر من هذين الأستاذين أن يثيرا عجاجة يهتاج بها الجمهور، وتلتفت إليها وزارة المعارف
ولم يصح عندي أن هجوم الشيخ مكي والشيخ الدجوي يستند إلى الحق، فأسررتها في نفسي، وقلت أن رجال الدين لم يكونوا دائما ملهمين، وذلك هو السبب في أني أجازيهم ظلماً بظلم وإجحافاً بإجحاف، من حين إلى حين
ولكن لا بأس فقد استطاع كتاب (الأخلاق عند الغزالي) أن يقاوم هجمات الناقدين عدداً من السنين إلى أن تعرض له ناقد لا يرحم المؤلف، وأن كان يحمل اسم المؤلف، ففي اليوم الرابع من أبريل سنة ١٩٣٧ وقف طالب يؤدي امتحان الدكتوراه في جلسة علنية بالجامعة المصرية. وكان أكبر همه أن ينقض آراء الطالب الذي وقف هذه الوقفة في الخامس عشر من مايو سنة ١٩٢٤
فماذا صنع؟ أثبت في كتاب (التصوف الإسلامي) أنه ظلم الغزالي في كتاب (الأخلاق عند الغزالي) والحكم على النفس من مظاهر القدرة على مغالبة الأهواء
روح الكتاب
وقد حاولت مرات كثيرة أن أرجع إلى هذا الكتاب بالتغيير والتبديل لأقدمه بصورة جديدة إلى عشاق الدراسات الأخلاقية، ولكنه يأسرني كلما نظرت فيه، لأني الفته في أوقات كنت فيها ثائر القلب والعقل على فهم القدماء للأخلاق، وهي ثورة لم أنج من شرها إلى اليوم، وقد أسايرها وتسايرني إلى آخر أيامي. وكيف يهدأ من يروعه أن يرى في رجال الدين من