علانية في جريدة الأخبار هو نفسه (الكاتب) الذي يزور جريدة الأفكار كل صباح ويقدم إليها في تأييد الوفد أشياء!؟
ويمر زمن قصير فنرى المازني يعطف على الجريدة الرسمية للحزب الوطني ويصادق الشيخ عبد العزيز جاويش. ثم يثبت فجأة فينتقل إلى حزب الاتحاد ويزامل الدكتور طه حسين في تحرير جريدة (الاتحاد)، مع انعطافات خفية يغمز بها هذا الحزب في جريدة (الأخبار). ثم ننظر فنراه مع الأحرار الدستوريين في صحبة الدكتور محمد حسين هيكل رئيس تحرير (السياسة)، ونلتفت فنراه انتقل إلى (البلاغ)، وبوصوله إلى (البلاغ) خطرت له فكرة الاستقرار الموقوت!؟
وفي أثناء هذه التنقلات السياسية كانت للمازني تنقلات أدبية، فكان يرسل إلى المجلات ما تقترح عليه. وقد أنشأ لنفسه مجلة كما كان أنشأ لنفسه مدرسة؛ ولكن المازني رجل ملول، وإنشاء مدرسة أو مجلة يحتاج إلى شمائل تبغض الملال.
ولم يقف المازني عند هذه المراحل من التنقل السريع، فخلق لقلبه وعقله مجالات كثيرة في الحجاز والشام والعراق، فهو من أعرف الناس بالتيارات الفكرية والسياسية في أكثر البلاد العربية.
أراني أطلت من غير طائل، فماذا أريد أن أقول؟
أريد أن أهوى بيدي على رأس المازني فأحطمه بلا ترفق، عقاباً على ما صنع بنفسه بلا ترفق!؟
كان المازني من أكابر الشعراء، وكان يستطيع أن يمد الشعر بقوة وذوقية تصل ما انقطع من لوامع هذا الفن الجميل.
ولكن المازني الذي (انشغل) بالكتابة في جميع الأوقات ولجميع الأحزاب لم يعد يجد الفرصة للغناء، ولا بد للشعر من غناء. والغناء يوجب الخلوة إلى النفس من حين إلى حين؛ ومتى يخلو إلى نفسه من يعاني ضجيج المجتمع السياسي في الصباح والمساء، ومن عود نفسه الأنس بالقيل والقال في الكبائر والصغائر من شؤون هذا المجتمع الصخاب؟
وهنا يظهر انخداع المازني أو خداعه، فهو لا يقول إنه مشغول بالكلام عن الغناء، وإنما يكابر فيزعم أنه لم يبق للشعر في الدنيا مكان، وأن الشعراء ليسوا إلا جماعة من الحمقى