يهمسوا بشيء من ذلك الأسلوب التقليدي الاصطلاحي الذي صبغ صياغة ماكرة لتبرير أخطائهم في الشئون الأجنبية. ذلك الأسلوب الذي أملته مخاوفهم ولم تمله عقائدهم. ولكنا في سبيل ما نطمع فيه من الإصلاح وما نصبو إليه من التأييد والنجاح نترقب ذلك اليوم الذي تبعث فيه الحريات المسلوبة في أوربا من مرقدها وتظفر بنصيبها من الحياة وتهيئ نفسها إلى بلوغ المستوى الذي نأمله ونتعلق به. وعلى أية دعامة - بعد ذلك كله - يسع ساسة إنجلترا أن يلتمسوا القوة والسيادة في وطنهم إذا ما تهددنا الضرر والأذى ما لم تكن تلك الدعامة مائلة فيما يتهيأ للشعب البريطاني من عزيمة مبصرة وحزم رشيد في الاضطلاع بالمبادئ التي ينهض على أساسها نظام حكومتنا واستقلالنا؟)
وقد لا يكون من الإسراف في التقدير أن يرى رجال الصحافة والسياسة في إنجلترا أن من واجبهم اليوم أن ينعموا النظر في أمر ذلك السؤال الأخير الذي وجهته صحيفة التيمس في عبارة حاسمة لست وثمانين سنة خلت. وما كان ليتهيأ لأشياء كثيرة في أوربا أن تسلك هذا السبيل المعوج الفاجع لو أن قادة الصحف في بريطانيا فطنوا لتلك المبادئ التي بسطنها صحيفة التيمس في ذلك الحين.
وإذ فرغت التيمس من عرض تلك المبادئ في مقالة واحدة من مقالاتها الافتتاحية فقد واصلت من اليوم التالي شرحها وتفصيلها لتبين على ضوئها حقيقة المصير الذي سبقت إليه فرنسا على يد لويس نابليون (تلك الحال التي تتفق الآن في أكثر من دلالة مع ما انتهى إليه الأمر في الشعبين الإيطالي والألماني).
وفي السابع من شهر فبراير عام ١٨٥٢، كتبت التيمس ما يأتي:
(إن الغايات التي يجب على الصحيفة المتعلقة بحب وطنها حقاً والمتنورة أن تجعلها قيد النظر هي - كما نعتقد - عين غايات الوزير المتنور المحب لبلاده؛ ولكن المناهج التي ينهجها الصحفي والوزير في تحقيق هذا الغايات والقيود التي يعملان تحت سلطانها تختلف اختلافاً أصيلاً واسع المدى. فالسياسي في صفوف المعارضة يتعين عليه أن يتكلم كإنسان يعد نفسه لمنصب حكومي والسياسي في المنصب الحكومي يرى من واجبه أن يتكلم كإنسان أعد للعمل والنضال. والوعود العامة والوثائق الرسمية بالإضافة له أشياء خارجة عن التمحيص والجدل، إذ هي لديه مجرد مقياس لجس النبض والظفر بالثقة والتأييد. وإذ