شيء تافه أو أمر بدهي لا يحتاج إلى فكر شديد وتعجب بالغ!
ومن آثاره إننا برغم إدراكنا الآن كثرة الأقوات وكفاية الأرزاق كثرة وكفاية تشبعان حاجات الإنسانية جميعها لو وزعت توزيعاً معقولاً بدون احتكار وتحكم وإتلاف لجانب من المحصول في سبيل الاحتفاظ بالأسعار المرتفعة. . . لا نزال نطيع الجشع والطمع ونعصي دواعي العدالة والرأفة بالطبقة المحتاجة المجهودة!
ومن آثاره إننا لا نزال نغطي عجزنا وكسلنا بالاستسلام لما نسميه (الأقدار) مع أن مفتاح الأقدار بأيدينا، ومع إننا نرى إننا نصنع اغلب أقدارنا، ومع أن دائرة الإيمان بالأقدار في الدين لا تتعدى منطقة الصبر على المصائب والكوارث التي تأتي إلينا بدون حيلة أو خيرة منا، ومنطقة الرضا بما نحصل عليه بعد الجهاد. . .
وهنا مكان استطراد إلى مشكلة الأقدار لا بأس أن نرسل فيه بعض الحديث:
هناك أقدار نريد أن تتحقق، وهي أقدار الخير والسعادة، وهذه موقفنا منها يجب أن يكون كما يأتي:
أن نسعى جهدنا للتمهيد لتحقيقها بالأخذ بأسبابها التي تهدينا تجاربنا إلى أنها عوامل جالبات لما نسعى إليه. فإن تحقق ما نبغي فذاك، وإن لم يتحقق - وهذا قليل نادر - علمنا أن الإرادة العليا المسيطرة على وجودنا لها غاية غير غايتنا في تلك المسألة التي نسعى لتحقيقها. والإيمان بتلك الإرادة يقضي حينئذ بالإذعان والتسليم لقدرها العالي الذي لا حيلة معه
وهناك أقدار نريد إلا تتحقق، وهي أقدار الشر والشقاء، وهذه موقفنا منها يجب أن يكون كما يأتي:
أن نسعى جهدنا للتمهيد لدفعها بالأخذ بأسبابها التي تهدينا تجاربنا إلى أنها عوامل دافعات لما نخشاه ونتجنبه. فإن كان ما نبغي فذاك، وإن لم يكن كان علينا كذلك الإذعان والتسليم للإرادة العليا.
تلك هي المشكلة الأقدار في جانبيها. وفي كلا هذين الجانبين لرأينا أن على الإنسان أن يقدم جهده في التمهيد لها أو دفعها. فإذا وقف أمامها منتظراً مكتوف اليدين مشلول التفكير كان حرياً أن تأتي إليه أقدار الخير فلا ينتفع بها إذ لم يبذل لها جهداً من فكره أمله، وكان