للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

النحو لا يدرك هذا الفرق

٤ - وفي الصفحة نفسها نجد البارودي يقول:

(الهم يا هادي الضلال في الليل المدلهم، وناصر الملهوفين في غمرة اليوم المسلهم)

وننظر فنجد البارودي محا كلمة (الملهوفين) واثبت كلمة (الهلاك) حرصاً على الازدواج، فنفهم انه كان يعرف علم البديع

٥ - ومن هذا ما جاء في ص ٥٠ حيث يقول:

(ما وعد إلا وأخلف، ولا سالم إلا وأتلف)

فقد محا (سالم) واثبت فوقها (أوعد) حرصاً على الجناس والطباق!

٦ - وفي مقدمة الديوان يحدثنا البارودي عن (ذكر الشيء باسم غيره لمجاورته إياه) فنفهم انه كان يعرف أشياء من علم البيان

٧ - ونص البارودي على قصائد فيها (لزوم ما لا يلزم)، فكيف يقع هذا من رجل يحكم عليه هيكل باشا بجهل القوافي؟ يضاف إلى هذا أحكامه على الشراء وهي تدل على بصره بالنقد الأدبي، وكذلك تدل استفادته من المعاجم على فهمه لأصول علم الصرف

وصفة القول أن البارودي كأن على بينة من علوم اللغة العربية، وان لم يصل إلى التفوق في تلك العلوم؛ فقد كان يعتمد على فيض الفطرة والطبع، وهما افضل أدوات الشعراء

الخمريات والغراميات

وطاب للدكتور هيكل باشا أن يؤكد أن البارودي لم يكن صادقاً في الخمريات والغراميات، وقد جزم بان قصائده في هذين الفنين لم تكن إلا محاكاة لأساليب القدماء

وهذا الحكم صواب من جانب وخطأ من جانب، فهو صحيح في الخمريات لأن أشعار البارودي في الخمر لا تخلو من ضعف، ولكن هذا الضعف لا يرجع إلى أن الخمر لم تذهب بعقل البارودي، كما يقول الدكتور هيكل، وإنما يرجع إلى أن وصف الخمر فن لا يحسنه جميع الشعراء وإن كانوا في حبها من الصادقين

أما غراميات البارودي فهي صدق في صدق، وأشعاره في العشق آية في الإفصاح عن صبوات القلوب، وقد تذكر بغراميات الشريف في بعض الأحيان

وما الموجب لأن نقول للبارودي (كذبت) حين يتحدث في أشعاره عن هواه، مع انه يقول

<<  <  ج:
ص:  >  >>