(إنما هي أغراض حركتني، وإباء جمح بي، وغرام سال على قلبي)
أما أن كان الدكتور هيكل يريد تنزيه البارودي عن مآثم الفتيان، فلكلامه وجه مقبول، فقد كان البارودي رئيس الوزارة في بعض العهود، ويجب على الوزراء أن يعيشوا بلا قلوب
الجديد في شعر البارودي
ويقول الدكتور هيكل باشا إن الجديد الذي استدعى الإعجاب بشعر البارودي (هو نزوعه إلى تصوير الواقع كما هو في بساطة وسلاسة وقوة دون اعتماد على محسنات اللفظ البديعية)
ونقول إن هذا التصوير بعيد من أذهان من عاصروا البارودي وكانوا مولعين بالزخرف والبريق، وإذن يجب على الدكتور هيكل أن يتلمس رأياً غير هذا الرأي، وهو قد اهتدى إلى الصواب بعد ست عشرة صفحة فقال:
(إن هذا الشعر كان جديداً كله، كانت محاكاته الأقدمين جديدة، وكانت معارضته إياهم جديدة، وكانت رياضته القول على مثالهم جديدة)
فإذا أعيد طبع الديوان فليتفضل الدكتور هيكل يحذف الحكم الأول والاكتفاء بالحكم الثاني
التحكم في التاريخ
للبارودي قصيدة لامية قال فيها ما قال في التندي بالمصريين، وينص الديوان على أنها قيلت في عهد (إسماعيل) وكن الدكتور هيكل يعتسف فيحكم بأنها قيلت في عهد (توفيق)
فهل يملك الحق في نقل القصائد التاريخية من عهد إلى عهد؟
إن عصر إسماعيل كان مبعث نهضة بإجماع الآراء، وعصور النهضات لا تخلو من بواعث الحب والبغض، والحمد والملام، فكيف نستبعد صدور قصيدة ثائرة في عهد إسماعيل؟ وكيف عرف هيكل باشا أن البارودي لم يذق في عصر إسماعيل غير القرار والاطمئنان؟
لو أن الدكتور هيكل التفت إلى القصيدة التي أثبتها بيده في ذيل الصفحة الثالثة والعشرين لرجع عن ذلك الاعتساف، وهذه إشارة فيها كل البيان