ويتمتع بالتدخين والقهوة كل من يستطيع لنفسه هذا الترف، في الصباح المبكر وأحياناً أثناء النهار. وهناك كثيرون يندر أبداً أن تراهم بدون شبك، إما بين أيديهم وإما مع الخادم. ويجعل المدخن، لاستعماله اليومي، دخانه في كيس من الصوف أو الحرير أو المخمل، يضعه في عب قفطانه، وكثيراً ما يكون معه كيس آخر به الزناد والصوفان.
ويبلغ طول قصبة التدخين (وأسماؤها عديدة منها الشبك والعود الخ) أربعة أقدام أو خمسة، أقصر من ذلك والبعض الآخر أطول بكثير. وما يستعمل عادة في مصر يصنع من خشب (الجرمَشق) وأكثر طول القصبة، من الفم إلى ثلاثة أرباعها، يغطى بالحرير الذي تحد طرفيه سلوك ذهبية محبوكة بالحرير الملون أو تحدهما ماسورتان من الفضة المذهبة؛ ويتدلى من الغطاء الحريري في الحد اسفل شرابة حريرية، وكان هذا الغطاء مخصصاً بادئ الأمر ليبلل بالماء فيبرد بالتبخر الشبك وبالتالي الدخان. ولكن الشبك لا يغطى إلا إذا كان عتيقاً أو قبيح الشكل. وكثيراً ما يستعمل أيضاً الشبك المصنوع من خشب الكرز خصوصاً في الشتاء وهو لا يغطى أبداً. ولا يبرد الدخان في شبك الكرز صيفاً مثل ما يبرد في الشبك السابق ذكره. أما (الحجر) فهو من الآجر؛ وأما الفم أو (التركيبة) فيتكون من قطعتين أو أكثر من الكهرمان الفاتح اللون، يصل ما بينهما زخارف من الذهب المرصع بالمينا والحجر اليمان واليشب والعقيق أو غير ذلك من الأحجار الكريمة أو المعادن النفسية. والفم أثمن ما في الشبك، وقد يرصع بالماس. ويبلغ ثمن الشبك الأكثر شيوعاً بين الطبقة الوسطى من جنيه إلى ثلاثة جنيهات إسترليني. ويوضع فوق الشبك أنبوبة من الخشب كثيراً ما تغير كلما تلوثت بزيت الدخان. والشبك ذاته يتطلب النظافة كثيراً، وينظف بألياف الكتان مشدودة في سلك طويل. ويعيش كثير من فقراء القاهرة على تنظيف الشبك
ويدخن أفراد الطبقة الراقية في مصر تبغاً له عطر لطيف لذيذ، يجلب أكثره من جوار اللاذقية في سوريا. وأحسن الأصناف (الدخان الجبلي) يزرع على تلال هذه المدينة. وهناك صنف قوي ينسب إلى مدينة صور، وهو الدخان الصوري، يخلط أحياناً بالصنف السابق ويستعمله أفراد الطبقة الوسطى. وعندما يدخن المصريون أو الشرقيون يسحبون نفساً طويلاً، فيصل كثير من الدخان إلى الرئة، ويعبرون عن التدخين عادة بشرب الدخان