للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأخذت الطبيعة تحسر لها في كل يوم عن أسرار جديدة في الآجام وفوق التلال، وفي البحيرة السريعة الجريان. وكان جاك يصحبها في أكثر هذه النزهات، ويسير معها جنباً إلى جنب، إلا أن أحدهما لم يكن يذكر الماضي بكلمة واحدة. فكان جاك يحدثها عن مشاهداته في الهملايا، وكانت هي بدورها ترثي لحال زوجها وتأوى عليه. ولقد اعتاد أن يجلسا على أحد التلال الرئيسية تجري من تحتها الأنهار الجليدية على ارتفاع خمسة وعشرين ألف قدم. وكانت قمة التل شديدة البرودة، بينما كان النهر الذي يجري في أسفل حاراً شديد الحرارة! على أن الحرارة في وسط المنحدر كانت معتدلة! وكانت سهول الهند وكل مدنيات أوربا تبعد عن هنا كثيراً، فأقرب محطة إلى هذا المكان تقع على بعد مائتين وخمسين ميلاً، منها مائة ميل في مسالك جبلية وعرة، تكاد لا تسمح لحيوان أن يسير على طول حافة هاوية. . . وكان كارلتون الحاكم المطلق على هذه الغابات جمعاء. وكان عمله ينحصر في قطع أشجار (الدردار) ولم يكن يعكر عليه صفو حياته إلا صورة إيثيل تتراءى له بين الفينة والفينة؛ ولكن هاهي ذي إيثيل إلى جانبه، وهما ينصتان معاً إلى طائر (الكورلا) الأخضر يرجع تلك الكلمة الحبيبة: (أحبك) وهي الكلمة التي لم يفه بها لفتاته، والتي لا يستطيع الآن أن يفوه بها!

وكان سكوندار الطفل يصحبهما دائماً في نزهاتهما، وقد أحب إيثيل حباً جماً هي أيضاً، فكانت تسمح له بأن يجلس عند قدميها عندما تكون راقدة في فراشها، وتنصت إلى أقاصيصه التي لا تكاد تنتهي عن شجاعة الصاحب كارلتون!. . .

أما هيرسون فكان يبغض الطفل بغضاً شديداً

وفي ذات يوم صحب جاك إيثيل وزوجها ليريهما قرية مهجورة حلت عليها لعنة الآلهة، لأن رئيس قبيلتها جرؤ على قطع شجرة من أشجار الدردار المقدسة. . . وكان الموت عقاب هذه الجريمة؛ فمات رئيس القرية وفر الأهلون تاركين وراءهم القرية قاعاً صفصفاً!. . . وما إن سمع هيرسن هذا القول حتى أغرب في الضحك ثم قال:

- حقاً إن هؤلاء العبيد لتملأ الخرافات رؤوسهم، وإني لأريد أن أنزع عنهم بعضها. . . وكان ثملاً يلمع في عينيه الذابلتين بريق الدهاء والمكر.

ومرت الأيام في أمن وسلام، حتى كان ذلك اليوم المشؤوم الذي مر فيه جاك هو ورنجت

<<  <  ج:
ص:  >  >>