- إنك خيالي يا كارلتون كهؤلاء العبيد. فما الذي يحدث لو أنني قطعت إحدى هذه الأشجار المقدسة؟
فأجابه جاك:
- يحدث أولاً أن يغادرني كل رجل في هذا المكان. . .
قال هيرسن هازئاً:
- وثانياً؟. . .
أجابه جاك بهدوء:
- وثانياً هم يعتقدون أن الرجل الذي يجرؤ على مس إحدى هذه الأشجار المقدسة تحل لعنة الآلهة وتنقضي حياته بانقضاء حياة الشجرة.
فجرت على شفتيه بسمة ماكرة ثم قال:
- الحق أني أبغض أجمتكم العابسة هذه، وتركهما ومضى
كان جاك يتناول عشاءه حين طرق سمعه أصوات لا يمكن أن يخطئ في معرفتها. . . أصوات صاخبة ثائرة تنذر بشر مستطير آتية من الغابة. فنهض جاك واقفاً وأسرع إلى الخارج؛ فما عتم أن رأى الشعب الهائج الثائر في طريقه إلى الأجمة فتبعه، فإذا الأجمة وقد زخرت بالجموع الحاشدة التي راحت تتفرق جماعات هنا وهناك. وفي إحدى هذه الجماعات أخذ القوم يضربون على صدورهم، ويذرون الرمل فوق رؤوسهم بينما تعالت أصواتهم إلى عنان السماء مهددة منذرة.
شق جاك طريقه وسط هذا الجمع الحاشد الذي أخذ يحدق في شيء مسجى على الأرض، وما لبث أن انجلى الموقف بوضوح! هناك على الأرض كانت ترقد شجرة من أشجار الدردار المقدسة هوت بها يد ملعونة، وإلى جانبها جلس رينجت سينج يكاد يتميز من الغضب. وللمرة الأولى لم يحي (رينجت سينج) الصاحب. فربت جاك على كتفه قائلاً: مر هؤلاء الرجال أن يعودوا من حيث أتوا يا رينجت سينج. فنهض الرجل واقفاً، وحيا كارلتون ثم رفع عقيرته آمراً القوم أن ينصرفوا. . . وغادر الرجال الأجمة ورؤوسهم مطرقة إلى الأرض، وأيديهم لا تفتأ تضرب صدورهم! حتى غابت أصواتهم في الفضاء
عاد جاك إلى خيمته، وأخذ يقلب الأمر على جميع وجوهه. وأخيراً اقتنع بوجوب رحيل