للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تنبؤات سياسية

لم يحدثنا المترجم في مقدمته الوجيزة عن التاريخ الذي ظهر فيه كتاب (معرض الآراء الحديثة) ولم أجد من الوقت ما يسمح بتحقيق ذلك التاريخ، فقد كانت النية أن أقرأ الكتاب في القطار وأن أكتب مقالي عنه بالليل، حين أصل إلى أحد البلاد، ولكن رفيقي في السفر وهو الأستاذ محمد خلف الله شغلني عنه بحواره الطريف، فلم يبق إلا أن أقرأ الكتاب وأدّون ملاحظاتي عليه في وقت لا يتسع لما ضاق عنه وقت المترجم المفضال! وهل يطالب المسافر بما لا يطالب به المقيم؟

في الكتاب عبارة تدل على أنه أُلف قبل الحرب الماضية، لأن المؤلف يشير في بعض عباراته إلى (عاهل ألمانيا) وهو بالتأكيد رجلٌ غير هتلر، فهو غليوم الثاني.

وهنا يظهر ما في الكتاب من تنبؤات تصورها العبارة الآتية: (إني أرى المستقبل ينذر بالحروب وإشاعات الحروب ويُخيل إلىّ أن هذه الأمة بنوع خاص قد أصبحت هدفاً لحسد شعوب أوربا وشرهها وكرامتها وأطماعها، وما ذلك إلا بسبب ثرائها وقوتها ونجاحها المنقطع المثيل. أرى هذه الشعوب تتطلع إلى الخارج تبحث عن منافذ لسكانها المتزايدين، ولكنها تجد أن الجنس البريطاني قد سبقها إلى احتلال كل ركن من أركان المعمورة، وأن الراية البريطانية تخفق على جميع جهات الأرض، ولكن أملنا الأكبر في المستقبل ينبعث من هذا الخطر الرئيسي، لأن بلاد الإنجليز لم تعد مقصورة على إنجلترا نفسها، بل إنها قد بذرت في كل قارة من قارات العالم بذوراً حية قوية ترجو أن تتعهدها بالعناية لكي تدب فيها الحياة، فيصبح كل منها عضواً نافعاً قائماً بواجبه في جسم هذه الإمبراطورية، بل إنني لأرى الروح قد أخذت تسري في هذه الأعضاء، وأعتقد أن المستعمرات البريطانية لن ينفرط عقدها فتسّاقط عنا تساقط الفاكهة الناضجة عن الشجرة، ولن تكون ممتلكاتنا غنيمة لغيرنا. وسوف تستيقظ الأمة عاجلاً أو آجلاً لتؤدي رسالتها الإمبراطورية وسوف تخفق معنا إخواننا الإنجليز من وراء البحار، ويكون الاتحاد الذي أتنبأ به هو اتحاد الشعوب البريطانية في جميع أنحاء العالم، اتحاد الإنسانية كلها).

فإن كان هذا الكلام قبل الحرب الماضية فهو عجب، وإن كان قبل الحرب الحاضرة فهو أعجب، وهو نفسه الكلام الذي يهتف به الإنجليز في هذه الأيام، والذي يستنفرون به

<<  <  ج:
ص:  >  >>