وهنا يظهر أعجب العجائب، فقد كان شوقي ناشئاً يوم نظم ذلك التاريخ ولكنه مع ذلك عرف كيف يهتف:
قل لبانِ بني فشادَ فغالى ... لم يجز مصرَ في الزمان بناءُ
ليس في الممكنات أن تُنقل الأج ... بال شماً وأن تنال السماء
أجفل الجنُّ من عزائم فرعوْ ... نَ ودانت لبأسها الآناء
شاد ما لم يشد زمان ولا أنش ... أعصرٌ ولا بَنَى بنَّاء
هيكلٌ تُنثر الدِّياناتُ فيه ... فهي والناسُ والقرونُ هباءُ
قبورٌ تحط فيها الليالي ... ويواري الإصباحُ والإمساَء
وهذه الباكورة كانت البشير بأن ستكون لشوقي مكانه في وصف آثار الفراعين
لقد طوفت بأقطار كثيرة من الشرق والغرب، فما رأت عيني مثل ما تركت الفراعين بوادي النيل، وسيجتمع المؤتمر الطبي العربي بعد أيام بمدينة أسوان، وسيعرف رجاله صدق هذا المقال بعد أن يزوروا آثار الأقصر، عليها أزكى التحيات!
الحرب العثمانية اليونانية
هي حربٌ وقعت في عهد السلطان عبد الحميد، ولم يذكر الديوان تاريخها بالضبط، ولا أتسع وقتي لتحقيق ذلك التاريخ، وأين من يصدق أني أكتب هذه الصفحات وأنل في (قطار الصعيد)؟
هي إحدى قصيدتين أعترف فيها حافظ بشاعرية شوقي، ولم يكن حافظ يعترف لشوقي بشيء، ولا كان شوقي يعترف لحافظ بشيء، وآه ثم آه من تحاسد النظراء!
أعترف حافظ بقيمة البائية:
بسيفك يعلو الحق والحق أغلب ... وينصرُ دين الله أيان تضرب
أعترف حافظ بقيمة هذه البائية في كتاب (ليالي سطيح) ولا أعرف الآن موقع هذا الاعتراف من ذلك الكتاب، فعهدي بقراءته يرجع إلى زمن بعيد
أما القصيدة الثانية فهي بائية شوقي في (توت عنخ آمون) وكان حافظ يحفظ هذه البائية وقد أنشد فيها مرات، وكان له في إنشادها ترجيع لطيف
كانت البائية الأولى فتنة العصر الذي ظهرت فيه، وكان جمهور الأدباء يحفظها عن ظهر