كم في الحياة من الصحراء من شَبَهٍ ... كلتاهما في مفاجأة الفتى شَرَعُ
وراَء كل سبيل فيهما قَدَرٌ ... لا تعلم النفس ما يأتي وما يدع
ولست تأمن عند الصحو فاجئةً ... من العواصف فيها الخوف والهلع
ولست تدري وأن قدرت مجتهداً ... متى تحط رحالاً أو متى تضع
ولست تملك من أمر الدليل سوى ... أن الدليل وأن أرداك متَبع
والبيت الأخير من وثبات الخيال
أما بعد فهذه كلمات سريعة بددت بها ساعات من الطريق بين القاهرة و (المنية) ولم أنظر فيها بعد ذلك، فليتلقها القارئ على هواه، بالحمد أو بالملام، وهل يكلف الله نفساً فوق ما تستطيع؟
أثنيت على شوقي مرات وأنا أراجع الشوقيات؛ ثم لمته مرة أو مرتين!
لقد أشرف بنفسه على طبع الجزء الأول والثاني، فما كان ضره ولو أرخ جميع القصائد، ونص على جميع المناسبات ليتمثل القارئ صور البواعث الروحية أو السياسية؟
قصائد شوقي تمثل معضلات عصره أصدق تمثيل، ولكن القراء لن يروها خليقة بهذا الوصف إلا إذا شرحت مناسبتها بإسهاب، فأين من ينهض بهذا الواجب قبل أن تنسى تلك المناسبات؟
ثم أقول أن الشوقيات زادت أيماني بمجد بلادي، فقد امتطيت القطار وأنا متخوف من ضجر الطريق وما هي ألا لحظة حتى كانت الشوقيات وحياً يهتف بأن كل بقعة من أرض مصر معهد مجد أو محراب فتون
ليت شعري والدهر حرب بنيه ... وأياديه عندهم أفياءُ
ما الذي داخلَ الليلي منا ... في صبانا ولليلي دهاءُ
في هذه اللحظة أشعر بالندم على آني ركبت القطار السريع، ولم أركب القطار (القشَّاش) وهو القطار الذي يقف على جميع المحطات، ويباع فيه القصب والبرتقال بسخاء؟!
وما أسعد من يمر بالقطار على جميع المحطات المصرية، وقد بلغ عددها (٥٣٢)
يمر القطار السريع على قرى الصعيد مرور الطيف، فلا يكاد المسافر يتذكر أن كل قرية من تلك القرى فيها أرواح وقلوب، ولأهليها تاريخ أو تواريخ