للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما، إن الله كان عليماً خبيرا)؛ وقد أسلفنا قول عمر بن الخطاب عن (مجلس التحكيم)

أما مسألة تعدد الزوجات، فان أساس تشريعها قوله تعالى في سورة النساء: (وإن خِفتم ألا تُقسطوا في اليتامى فأنكِحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورُباع، فإن خِفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا)؛ وقد فسر الفقهاء هذه الآية التشريعية تفسيرات شتى متباينة، ولكنها تجتمع كلها عند نقطتين بارزتين مهمتين هما:

الأولى: إن التزوج بأكثر من واحدة إلى أربع مباح ابتداءً

الثانية: إذا خاف الرجل الجور وعدم العدل بين نسائه إذا تعددن، يحرم عليه التزوج بأكثر من واحدة

وعلى ذلك يكون الأصل الثاني قيداً للأصل الأول، وهذا القيد مقصود به منع اضرر الذي ينشأ عن استعمال حق التزوج بأكثر من واحدة. ويتبين ذلك من قوله تعالى: (ذلك أدنى ألا تعولوا): أي أقرب من عدم الجور والظلم؛ وهذا يطابق ما تتقيد به كافة الحقوق في الشريعة الإسلامية

وبالرغم من أنه قيل: إن الحرمة الناتجة عن خوف الجور بين النساء إذا تعددن لا يترتب عليها بطلان عقد الزواج شرعاً، فإن لولى الأمر ديانة أن يراقب استعمال هذا الحق، ويحول دون استغلاله في عكس ما قصد منه، لأن الله يزع بالسلطان أكثر مما يزع بالقرآن، فقد نتج في استعماله مفاسد جمة. وقد وضعت وزارة العدل سنة ١٩٢٨ مشروعاً لتعديل بعض أحكام الأحوال الشخصية، اشتمل على تقييد استعمال حق التزوج بأكثر من واحدة بما يتفق وحكمة الشرع وروح نصوصه؛ وقد تضمنت ذلك المواد الثلاث الأولى من المشروع، ونصها:

المادة الأولى - لا يجوز لمتزوج أن يعقد زواجه بأخرى، ولا لأحد أن يتولى عقد هذا الزواج أو يسجله ألا بإذن من القاضي الشرعي الذي في دائرة اختصاصه مكان الزوج

المادة الثانية - لا يأذن القاضي بزواج متزوج إلا بعد التحري وظهور القدرة على القيام بحسن المعاشرة والأنفاق على اكثر ممن في عصمته ومن تجب نفقتهم عليه من أصوله وفروعه

<<  <  ج:
ص:  >  >>