يضاف إلى ذلك أني نشرت مقالات تفوق العدّ والإحصاء في شؤون التربية والتعليم، ومن الجائز أن يطالبني الجمهور بتحقيق ما اقترحت في تلك المقالات، وهنالك الخطر كل الخطر، إلا أن أروض نفسي منذ اليوم على التنصل من تلك المقترحات!
هل أختار وزارة الداخلية؟
هذا هو المركز اللائق برجل يغضب للشعب، ويثور على الاحتكار والمحتكرين.
إن توليت وزارة الداخلية - وهذا أمرٌ قريب - فسأفرض على رجال الحكومة في مختلف الأقاليم أن يعرفوا جميع البيوت وجميع الناس، ليدلوا الدولة على المستور من الثروات والنيات، وسأجعل من سلطة الشرطة جيشاً يمزق الشراذم الباغية على الأمن والنظام، وهل يهدّد الأمن والنظام بمثل الإصرار البغيض على احتكار الأقوات؟
لن انتظر حتى ينتفع الناس بوعظ الواعظين، وإرشاد المرشدين، فقد ظهر أن في الدنيا قلوباً لا يقومّها وعظٌ ولا إرشاد. لن أنتظر غير حكم العدل، والعدل يوجب أن يعرف وزير الداخلية حقيقة الثروة المدفونة في زوايا البيوت، بيوت الأغنياء والفقراء، فأنا أخشى أن تكون هذه الأيام قضت بأن يكون في الفقر تزوير وافتعال (ولم يكن المصريون كذلك في الأيام الخالية، فقد كانوا يسترون الفقر عن الأقربين قبل الأبعدين)
إن توليت وزارة الداخلية - ويجب أن أتولاها - فسأحرم العمد نعمة الثرثرة فوق المصاطب، وسأحولهم إلى جنود نافعين، فأولئك أقوام يعلمون من أمور بلادهم كل شيء، ولكنهم يكتمون ما يعلمون، فإن طووا عني ما يجب أن أعرف فسأقضي فيهم بالعدل، وهم يفهمون جيداً خطر العدل.
أليس من العار أن يصبح التموين مشكلة من المشكلات في مثل هذه البلاد؟
وكيف تكون الحال لو شاءت المقادير أن نطالب بتموين مئات الألوف من الجنود يوم يدعو الداعي إلى الجهاد؟
اللعب في أمثال هذه الأيام لا يليق، ومن اللعب القبيح أن يكنز ناس ما يملكون من أصول الأقوات لينتفعوا بالربح الحرام على حساب الشعب المهدد بالجوع.
وأنا مع هذا أعرف ما تصير إليه سمعتي يوم أتولى وزارة الداخلية، فسيقول السفهاء من