أخرى تتفاوت في الشدة والقوة فسرت في المخبأ دمدمة رهيبة تلاها ضمت كصمت القبور لم يقطعه إلا صوت امرأة تخاطب زوجها قائلة:
- هذا صوت قنابل الطيارات. إنهم يضربون البلد! لابد من الهجرة غداً
فأجابها في صوت ضعيف مستكين:
- ليست هذه قنابل الطيارات
- ماذا تكون إذن؟ لابد من الهجرة غداً. . . غداً من الفجر بإذن الله. هل جننت حتى أعيش في هذا الجحيم؟
- لست هذه قنابل الطيارات. قلت لك إنها المدافع المضادة لها
- بل هي قنابل الطيارات
- ليست هي قنابل الطيارات
- بل هي قنابل الطيارات
- ليست. . .
وشفع كلامه في هذه المرة بحركة صاحت على أثرها المرأة صياحاً منكراً، وإذا بها معكرة زوجية من الصنف الحاد.
وطغا صوت المرأة على صوت أضخم المدافع وأقواها صوتاً
وكان الأستاذ كامل قد احتسى كأساً أو كأسين غير حاسب للغارات حساباً؛ فلما فاجأته غارة الليلة وهو في نشوته اللذيذة هبط إلى المخبأ وهو يلعن الحرب ومن كان السبب في شبوبها.
وهناك انتبذ ركناً قصياً واستسلم للتفكير
ولكنه لم يهنأ بجلسته طويلاً، إذ صاح صبي من الصبية كان يجلس إلى جواره قائلاً:
- هنا رجل سكران يا ماما. . . في المخبأ سكران طينة. . إنني أشم رائحة الخمر. وأيدته امرأة عجوز قائلة: