وتزف العروس إلى منزل عريسها في اليوم التالي. وتسمى هذه الزفة لأهميتها (زفة العروسة). أما الزفة السابق وصفها فتسمى (زفة الحمام) لتمييزها عن الأخيرة. وقد تسير العروس إلى الحمام بغير أبهة أحياناً تقليلاً لمصاريف الاحتفال وتكون الزفة إلى منزل العريس فقط. وزفة العروس كالزفة السابقة تماماً. وتتناول العروس الفطور مع حاشيتها ثم تبدأ الزفة بعد الظهر، فتسير ببطء وانتظام كزفة الحمام سيراً طويلاً خلال الشوارع الرئيسية لأجل العرض ولو كان منزل العريس قريباً. وقد تدوم الزفة ثلاث ساعات أو أكثر عادة. وقد يتظاهر أمام الزفة مبارزان لا يلبسان غير السراويل، أو يتضارب فلاحان بالنبوت أو بغيره. وترحب العائلات الموسرة بمن يجيد تسلية المتفرجين بحليهم وألعابهم العجيبة أثناء زفة العروس، وتقدم إليهم هدايا جميلة. وحينما زوج السيد عمر نقيب الأشراف الذي كان الوسيلة الكبرى لبلوغ محمد علي ولاية مصر، بنته منذ حوالي خمس وأربعين سنة سار أمام الزفة شاب قد شق بطنه وأخرج أمعاءه على صينية من الفضة، ثم أعادها إلى موضعها بعد الزفة ولزم السرير عدة أيام قبل أن يشفى من آثار هذا الجنون الكريه. وضرب آخر ذراعه بسيفه أمام المتفرجين ثم شد جرحه قبل أن يخرج السلاح ببضعة مناديل تشربت بالدم. وقد وصف لي هذه الألعاب شاهد عيان. وهناك مشهد أكثر غرابة واشد إثارة للاشمئزاز لا يقل شيوعاً في هذه المناسبات عادة إلا أنه يندر أن يشاهد الآن. وقد يعرض الحواة أيضاً حيلاً مختلفة إلا أن أكثر الألعاب تكون تقليداً للمعارك. وقد تعرض مثل هذه الألعاب في الاحتفال بختان، وقد تسير في الزفة العظيمة عدة عربات يركبها صناع وتجار من مختلف الفنون والحرف الممارسة في العاصمة يمثلون أعمالهم العادية. ويوجد في إحدى العربات بعض الرجال يصنعون القهوة ويقدمونها إلى المتفرجين أحياناً، وفي عربة أخرى يجلس بعض الموسيقين، وفي عربة ثالثة بعض العوالم. وتركب العروس في مثل هذه الزفة عربة أوربية مقفلة، ولكن كثيراً ما تركب العروس وقريباتها وصديقاها الحمير فوق البراذع المرتفعة، ويتقدمهن الموسيقيون والمغنيات ويتلوهن فرق أخرى في نهاية الزفة.
وتؤدب للعروس ورفيقاتها مأدبة عند بلوغهم منزل العريس، وسرعان ما تنصرف الصديقات وتبقى أم العروس وأختها وحدهما معها أو إحدى قريباتها الأخريات وامرأة