فالطموح كما قدمنا ليس بتفسير لطلب العظمة كائناً ما كان مجالها والغرض منها. فبعد الطموح يبقى لنا سؤال آخر عن علة طلب العظمة من هذا الطريق وعن التوفيق بين نوع العظمة المطلوبة ونوع المزاج النفسي الذي يطلبها ويؤثرها على غيرها
والطموح بعد ذلك ليس بالتفسير الصحيح في الحالة الخاصة التي ذكرتها عن أمنيتي؛ لأنني لم أطلب الظهور بل ضحيت به في سبيل الحقيقة التي أصل منها إلى هيمنة لا ظهور فيها؛ ولا يزال الظهور الشائع مفسدة لها وداعية إلى حبوطها
وما لنا ولهذا والأديب صاحب الخطاب يذكر حالة تنفي تعليل كل شيء بالطموح فيما ذهبنا إليه؟
قال في خطابه:(تمنيت وأنا في المدرسة الابتدائية أن أكون لاعب كرة يحيط بي من تصفيق الطلبة وإعجابهم ما يحيط بمشاهير اللاعبين. . .)
فليعلم الأديب صاحب الخطاب أن التصفيق لم يحط بلاعب كرة كما كان يحيط بلاعبيها الأسوانيين في ذلك الحين. فقد كانت العناية بالرياضة البدنية يومئذ في أبانها، وكان للجيش الإنجليزي بأسوان فرق مدربة تسترعي أنظار المدنية بأسرها ويتمنى كل طالب أن تتغلب فرقته المدرسية عليها، وكانت فرقة أسوان تسافر إلى إدفو وقنا وسوهاج وأسيوط لتلاعب هناك فرقة بعد فرقة وتعود من تلك البلاد غالبة أو مغلوبة يتطلع الزملاء إلى أخبارها كما يتطلع قراء الصحف إلى أنباء المعارك الحاسمة، ومع هذا كله فشلت مساعي المدرسين في إغرائي بالانتظام في فرقة الكرة أو الفرق الرياضية على اختلافها لنفوري منها، وظللت أتجنبها وأفضل الحبس على حضور حصة الرياضة البدنية في أوقاتها المفروضة علينا، ولم يستهوني الطموح ولا الشهرة ولا التصفيق إلى هذا الجانب المغري لكل طالب، ولم أكن أفهم دهشة زملائي لرفضي دخول الفرقة وهم يتحرقون شوقاً إلى دخولها ويتمنون لو وهبوا تلك الصفات الجسدية التي جعلت المدرسين حريصين على ترشيحي لفرقة الكرة وكل فرقة رياضية
فليست المسألة يا صاحبي مسألة طموح وظهور، ولكنها مسألة شوق باطني وجد مصرفه في هذه الناحية أو تلك حتى استقر من الناحية الأدبية إلى قرار