الصابي، وماني المجوسي)، ويظهر أن أبا سليمان المنطقي السجستاني كان رئيس هذه الجماعة فكثيراً ما يقول أبو حيان (دارت في مجلس أبي سليمان. . . مناظرات)، ويقول:(أملى علينا أبو سليمان). ويظهر أيضاً أن أمر هذه الجماعة الفلسفية كان على شاكلة أختها في البصرة سرياً؛ فقد ثبت أن أبا العلاء المعري كان يختلف إلى هذه الجماعة بدار عبد السلام البصري أيام الجمع حينما قدم بغداد وهم الذين سماهم إخوان الصفاء حين يقول:
كم بلدة فارقتها ومعاشر ... يذرون من أسف على دموعا
وإذا أضاعتني الخطوب فلن أرى ... لوداد إخوان الصفاء مضيعا
وقد كان لاحتكاك أبي العلاء مع تلك الجماعة وتعرفه على مختلف النظريات الفلسفية والدينية والصوفية الأثر الأكبر في اتجاه أفكاره وفلسفته، فيقول الأستاذ ماكدونالد (يظهر أن أبا العلاء اتصل بفئة مثل إخوان الصفاء إن لم يكونوا هم أنفسهم)
ومما تقدم نرى أن إخوان الصفاء كان مركزهم الرئيسي بالبصرة وكان لهم فرع قوي ببغداد، وأنصار ودعاة في مختلف البلدان والأمصار.
أما الزمن الذي وجد فيه الأخوان فهو أواسط القرن الرابع الهجري: ومن العسير تحديد السنة، بيد أن هناك ما يرجح أن الرسائل ألفت فيما بين سنتي ٣٣٤هـ و ٣٧٣هـ؛ لأن بدء ظهورهم كان على أثر سيطرة آل يويه على بغداد سنة ٣٣٤هـ، ولم نسمع بهم قبل هذا التاريخ، ومن الجائز أن تكون جماعتهم قد تأسست قبل ذلك وبقيت في طي الكتمان، ولم تتجرأ على إظهار الرسائل إلا بعد هذا التاريخ.
نظام جماعتهم
كانت جماعة إخوان الصفاء تتكون من أربع طبقات: الأولى شبان يتراوح عمرهم بين خمس عشرة وثلاثين سنة، وهم الذين يسمونهم في رسائلهم بالإخوان الأبرار الرحماء. ويظهر أن الرسائل قد ألفت لهذه الطبقة لأن الخطاب فيها موجه دائماً إلى الأخ البار الرحيم. أما الطبقة الثانية فرجال الثلاثين والأربعين يتلقون الحكمة الدنيوية، ويظهر أنه كان يعهد إليهم مراعاة الإخوان ومساعدتهم والتحقق عليهم، وهم الذين يسمون في الرسائل بالإخوان الأخيار الفضلاء. والطبقة الثالثة رجال بين الأربعين والخمسين من العمر وهم