- أيدكم الله وإيانا بروح منه، وهداكم للحق، وجعلكم من أتباعه، وسهل لكم سبيل الخير، وأرشدكم إلى معرفة أهله، وعصمكم من الشر، وجنبكم صحبة أهله، وحرسكم من المزور الشيطان، ووقاكم جور السلطان ونكبات الزمان ونوائب الحدثان، ووفقكم لقبول نصيحة الإخوان، إنه ودود منان - اعلموا أن كل دولة لها وقت منه تبتدئ، ولها غاية إليها ترتقي، وحد إليه تنتهي؛ وإذا بلغت أقصى مدى غاياتها ومنتهى نهاياتها، أخذت في الانحطاط والنقصان، وبدأ في أهلها الخذلان، واستأنف في الأخرى القوة والنشاط والانبساط والظهور، وجعل كل يوم يقوى هذا ويزيد، ويضعف ذلك وينقص، إلى أن يضمحل الأول المتقدم، ويتمكن الحادث المتأخر. . . وقد ترون - أيها الإخوان - أنه قد تناهت قوة أهل الشر وكثرت أفعالهم في العالم في هذا الزمان، وليس بعد التناهي في الزيادة إلا الانحطاط. واعلموا أن الملك والدولة ينتقلان في كل دهر وزمان من أمة إلى أمة، ومن أهل بيت إلى أهل بيت، ومن أهل بلد إلى أهل بلد. . . واعلموا أن دولة أهل الخير يبدأ أولها من أقوام خيار فضلاء يجتمعون في بلد، ويتفقون على رأي واحد، ودين واحد، ومذهب واحد، ويعقدون بينهم عهداً وميثاقاً بأنهم يتناصرون ولا يتخاذلون، ويتعاونون ولا يتقاعدون عن نصرة بعضهم بعضاً، ويكونون كرجل واحد في جميع أمورهم، وكنفس واحدة في جميع تدابيرهم.
وقد كان للجماعة دعاة ومبشرون يجتهدون في اختيار أعضاء جدد يضمونهم إلى صفوف الإخوان، وقد كانوا يدربون تدريباً خاصاً على الدعاية: (واعلم أيها الأخ أيدك الله وإيانا بروح منه أن لنا إخواناً وأصدقاء من كرام الناس وفضلائهم متفرقين في البلاد، فمنهم طائفة من أولاد الملوك والأمراء والوزراء والكتاب والعمال، ومنهم طائفة من أولاد الأشراف والدهاقين والتجار والتناء، ومنهم طائفة من أولاد العلماء والأدباء والفقهاء وحملة الدين، ومنهم طائفة من أولاد الصناع والمتصرفين وأمناء الناس. وقد ندبنا لكل طائفة منهم أخاً من إخواننا ممن ارتضينا في بصيرته ومعارفه ينوب عنا في خدمتهم بإلقاء نصيحة إليهم بالرفق والرحمة. وقد اخترناك أيها الأخ البار الرحيم لمعاونتهم فامض على بركة الله وحسن توفيقه إلى أخ من إخواننا، وتوصل إليه بالرفق على خلوة وفراغ من مجلسه وطيبة من نفسه فاقرأ عليه منا التحية والسلام، وبشره بما يسره من نصيحة الإخوان، وعرفه شدة