لك الحمد يا محمود من ذي مروءة ... يرى الشكر فرضاً والجحود من الجبن
عبد اللطيف النشار
بين صبري وابن دريد
شهد الأديب الفاضل حسين محمود البشبيشي على الشاعر إسماعيل صبري باشا بسرقة بيتيْ شعر وردا في ديوانه، إذ رآهما في مقال للشاعر محرم منسوبين إلى صاحب المقصورة الدريدية
والبيتان اللذان في الديوان هما:
إن الذي أبقيتَ في مهجتي ... يا متلف الصب ولم يشعرِ
حشاشة لو أنها قطرة ... تجول في عينيك لم تُنظرِ
وفي مقال الشاعر محرم وردا بتحريف بسيط فكانا هكذا:
إن الذي أبقيت في (جسمه) ... يا متلف الصب ولم يشعر
(صُبابة) لو أنها قطرة ... تجول جفنيك لم (تقطر)
قلت: إنها شهادة لعمر الحق جائرة. فما كان لشاعر كإسماعيل صبري سما في شاعريته البارعة إلى أعلى مراتب الشعر الغنائي أن يسف هذا الإسفاف الفاضح المعيب، فيعزو إلى نفسه قول غيره. ونحن إذا علمنا كيف جمعت مقطوعات الديوان من هنا وهناك بعد وفاة الشاعر بأعوام طويلة. ظهرت لنا براءته مما وصم به. ففي كلمة الأستاذ أحمد الزين في الديوان نرى أن صهر الشاعر صاحب العزة حسن رفعت بك قد حمل على عاتقه عبء جمع الديوان وهو عبء يجهد لقلة ما كان الشاعر يعني بجمع شعره وترتيبه. يقول الأستاذ أحمد الزين إن صهر الشاعر جمع مقطوعات الديوان من بطون الصحف التي بعد بها العهد ومن أفواه الرواة المعاصرين له والمتصلين به فكان لا يسمع بإنسان جالس إسماعيل صبري إلا زاره وكتب عنه ما يحفظه من شعره - أنظر الديوان صفحة ٤١ - ومن المرجح عندي فيما يختص بهذين البيتين أن يكون هناك مَن ضمه مجلس بإسماعيل صبري وسمعه ينشدهما فظنهما له ورواهما لصهر الشاعر على حسب هذا الظن. وهب أن البيتين وجدا مكتوبين بخط الشاعر فليس بعجيب أن يكتب الإنسان في أوراقه شعراً