وهنا يظهر (عيب) اللغة العربية، فهي ليست لغة تفاهم بسيط ينتفع به الناس في أمور المعاش، وإنما هي لغة أدب وذوق، ولغات الآداب والأذواق لا تعيش بين الأبناء الدخلاء، وذلك هو السر في انحسار اللغة العربية عن بعض الأقطار الإسلامية، وهو أيضاً السر في أن اللغة التي يتكلمها أكثر من مائة مليون لا تنجب في كل عصر أكثر من مائة أديب.
كيف يعود الأدب العربي إلى الأمريكتين من جديد؟
أعتقد أننا خذلنا أولئك الإخوان، فلم نعاونهم على إعزاز العصبية العربية في البلاد الأمريكية ولم نقدم إليهم من المساعدات المالية مثل الذي نقدم إلى بعض الجمعيات العلمية في الممالك الأوربية.
هل سمعتم أن دار الكتب المصرية أو مكتبة الأزهر أو مكتبة الجامعة المصرية أو مكتبة الإسكندرية أو مكتبة وزارة المعارف قد اشتركت في المجلات التي تصدر باللغة العربية في المهاجر السورية كما تشترك في المؤلفات التي ينشرها المستشرقون؟
إلى أهل الغيرة على اللغة العربية نوجه هذا السؤال
أسلوب جبران
عرفنا السر في أحزن جبران، ولم يبق إلا أن ننظر في كتابه الحزين، فماذا نقول؟
نكتب أولاً كلمة عن أسلوب هذا الكاتب؛ ثم نمضي في عرض ما في كتابه من دقائق الأغراض
جبران أراد أن يكون أسلوبه زهرة لا شجرة، فأساء إلى نفسه من حيث لا يريد، وهل كان يتوهم أن النقد الأدبي سيعرف مقاتله بعد حين أو أحايين؟
أغلب الظن أن جبران كان يحب أن يعرف إخوانه في الشرق أن الحياة في أمريكا لم تنسه خصائص البلاغة العربية، وهي بلاغة ظلمها بعض أهليها فتوهموها فنوناً من الزخرف والبريق، وكذلك شاء جبران أن يكون في كل سطر من كتاباته تشبيهٌ طريف، أو لمحة فلسفية، أو رمز إلى غرض ملفوف يحار في تأويله القراء.
ولكن ما قصة الزهرة والشجرة؟
الزهرة غاية في أناقة التلوين، ولكل ورقة من أوراق الزهرة رونق أخاذ، مع أن أوراقها قد تعد بالعشرات؛ فهي سِحرٌ في سحر وفتونٌ في فتون.