فإذا أخرجت الكليات هذا العالم الذي يمتاز بهاتين الميزتين أمكننا أن نرى رجالاً يدرسون قواعد البلاغة ومسائل الأدب ويكونون بلغاء وكتاباً وأدباء، وأن نرى رجالاً يدرسون أصول الفقه ويكونون فقهاء ومرجحين. وأن نرى علماء يستطيعون أن يدافعوا عن الإسلام، ويردوا هجمات أعدائه بأسلوب العصر وهكذا. . .
٣ - في جماعة كبار العلماء
قلت لفضيلته: لقد أطلع قراء الرسالة على تقرير اللجنة التي ألفتها جماعة كبار العلماء برياسة فضيلتكم للنظر في المقترحات التي رفعها إليها بعض أعضائها. فما الذي ترونه شخصياً في المقترحات، ومتى يتم إعداد الوسائل للأخذ في تنفيذها؟
فأجاب فضيلته:
لقد سررت بهذه المقترحات العظيمة منذ أول لحظة، وأعلنت رأيي هذا في جلسة الجماعة الموقرة التي عرضت فيها هذه المقترحات وقلت: إن جماعة كبار العلماء منذ تكوينها مطالبة بهذه الأعمال كلها، فإذا كانت قد تأخرت في الماضي عن القيام بهذا الواجب فلا ينبغي لها أن تتأخر بعد الآن، ولا سيما في عصر حضرة صاحب الجلالة الملك الصالح الغيور على دينه: فاروق الأول أعزه الله، وبأشراف الرجل العالم المصلح المؤمن بفكرته: فضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ المراغي.
وهذه المقترحات لا يتردد أحد في إدراك ما لها من فائدة جزيلة، ولا في وجوبها على جماعة كبار العلماء، فتلك طوائف الأمة تتشاجر وتتشاحن باسم الدين في كثير من الأشياء: أسنة هي أم بدعة؟ أمن الدين أم ليست من الدين؟ وهذه كتب التفسير والحديث ينظر فيها من يستطيع تمييز الغث والسمين ومن لا يستطيع، وهذه شئون المعاملات التي جدت وتجد للناس، وهم محتاجون إلى معرفة حكم الشريعة فيها بطريقة تقضي على النزاع، وتقطع أسباب الجدل والخصومة، وقد اتجهت أفكار المفكرين وآراء المصلحين إلى هذه الشريعة يلتمسون أن تكون نظام حياتهم، وأساس مدنيتهم، فلا بد لنا إذن من العمل، ولا بد لنا من تلبية نداء الأمة، وإعداد أنفسنا لهذه المهمة السامية.
أنا لا أزعم هذا العمل هين أو يسير، بل أعتقد أننا سنحمل منه عبئاً ثقيلاً، ونضطلع بمهمة