ولا بد أنهم تذكروا كذلك أن حرية كل شعب محكوم لهم يجب أن تكون أعز عليه من كل شيء، بعد أن هددت حريتهم من عدو غاشم جبار فعرفوا ذلك وكانوا قد نسوه أيضاً في تلك الفترة الطويلة التي حكموا أمماً ولم تحكمهم أمة. . . وبالطبع سيكون لعلمهم وتذكرهم هاتين الحقيقتين من حقائق الإيمان أكبر الأثر في عملهم على إقامة عالم سعيد على أنقاض القديم. وإذا نسى الإنجليز أو تناسوا تلك الحقائق بعد هذه الحرب فسوف لا ينسى الأمريكان الذين كانوا بنجوة من الحروب الحديثة وويلاتها بعد أن تحرروا من وثنيات الأجناس والدماء المختلفة ونعرات القوميات المفرقة وُعَار الاحتكار والاستعمار. . .
أجل إن الأقدار ذات الحفاوة بالإنسان ما كانت لتترك هذه المجموعة الكبرى من الأمم التي تتكلم الإنجليزية ومن يرتبط بها في أكثر بقاع العالم دون أن توحدهم وحدة تامة بأية وسيلة لتتخذ منهم خميرة لوحدة أو شبه وحدة بين بني البشر. وقد خابت مساعي توحيدهم عن طريق السلم، إذ عز على الإنجليز المحافظين أن ينزلوا عن كثير من تقاليد إمبراطوريتهم العظيمة، وعن حقوق الغلبة والفتح فيها، وكانوا أولي الناس باتباع ذلك بعد أن خرجوا من الحرب الماضية منصورين. وإذ عز كذلك على الأمريكان الأحرار أن يسيروا مع الإنجليز في نظرياتهم المحافظة فيرتدوا عن مبادئ عالمهم الجديد وثوراتهم العظيمة التي قضوا بها على خمائر الأحقاد ومواريث التاريخ السيئ في القارات القديمة، فعاشوا حياة جديدة في أرض جديدة. . .
فكانت هذه الحروب الحالية رداً سريعاً من الأقدار وعقاباً للأمم الناطقة بالإنجليزية لأنها أهملت وتوانت في السعي المشترك المسلح لإقامة عالم أسعد وأعدل، وكانت وحدها - ولا تزال - هي التي تستطيع أن تنهض بأعباء ذلك العالم المنشود
ولم أكد أفرغ من كتابه هذا المعنى حتى ساقت لي الأقدار
دليلاً يؤيده من أقوال أحد أساطين الأمريكيين وهو المستر
(وندل ويلكي) منافس (روزفلت) في الانتخابات السابقة. . .
قال كما ورد في (أهرام) ١٤١١٩٤٢: (إننا جميعاً نلوم هتلر
وحده، بيد أن هذه الفكرة السطحية ليست صحيحة. فاللوم لا