أبويه من الذكاء والجمال ويؤيد هذا أن الديك أجمل من الدجاجة، وأن الجواد أجمل من الفرس، وهذا الحكم مطرد في أكثر المخلوقات، وهو يظهر واضحاً في أشجار التوت، بغض النظر عن ظهوره في سائر الأشياء
وإذا صدقنا رؤية شيث عما كان بين آدم وحواء فلن يفوتنا أن نسجل أن آدم هو الذي نطق قبل أن تنطق حواء، وهل كان لتلك المرأة تاريخ في الجنة غير انصياعها لدسيسة الحية، وعن الأنثى تنقل الأنثى أصول الفساد؟
الظاهر أن للذكورة خصائص لا تصل إليها الأنوثة بأي حال. والظاهر أيضاً أن الرجال لن يزالوا بخير ما فطنوا لمكر النساء. وهل انخدع آدم بحيلة حواء أو حيلة الحية إلا في لحظة من لحظات الضعف؟!
وأستطرد قليلا فأقول:
وقع في هذه الأيام حادث فظيع، هو اصطدام أحد كبار الموظفين بسيارة يقودها أجنبي سكران، وعلق الموظف بمقدم السيارة، ومضى السائق ينهب الأرض لينجو من العقاب. وتنبهت لخطر الفادحة سيدة مثقفة، فمضت بسيارتها في ملاحقة ذلك الجاني الأثيم، ولكنها فوجئت بإشارة المرور فوقفت!!
وهنا الشاهد الذي أريد: فلو كان في سيارتها رجل لداس إشارة المرور في سبيل الواجب؛ ولم يترك ذلك الجاني الهارب بلا اقتناص أو افتراس
هي امرأة وإن نالت إجازة الحقوق، وطاعة إشارة المرور هي في نفسها الصورة الحرفية لطاعة الواجب، أما تشريح هذه الدقائق فهو من خصائص الرجال، والرجل هو الذي يدوس جميع الأنظمة في سبيل الإعزاز لما يؤمن بأنه حق
وجملة القول أن سخرية آدم من مواهب حواء لم تكن طغياناً في طغيان، وإنما اعتمدت على قواعد وأصول. ولم تقع من آدم إلا لأنه كان يستوحي الفطرة والطبع، ولو أن الجنة لعهده كان فيها مدارس وكليات لكان من المرجح أن يكون حديثه عن حواء مغلفا بالرياء!
ثم تجيء عقدة أغرب وأعجب، وهي تفكير آدم في مسألة النسل، وهي مسألة لم يفكر فيها آدم إلا بعد تأمله لما في الجنة من فصائل الطير والحيوان، ولم يكن فطن إلى إنها مسألة تلحق عالم النبات، وقد تمس عالم الجماد