للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبما لقلمك من فضل على الأدب العربي الحديث لا يسعني إلا أن أقول: (هداك الله للحق وأبعد كيد الشيطان عنك).

(بنت بغداد)

حول الهجرة وشخصيات الرسول

أولى المجلات عناية بما ينشر فيها بحثاً ونقداً (مجلة الرسالة الغراء) لأنها أصبحت حقا مشاعاً للطبقة الراقية من رجال الدين والعلم والأدب، فلا غرو أن ينتظر القراء منها تحقيق ما ينشر فيها من بحث أو يذاع فيها من رأي. كتب صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمود شلتوت كلمة ضافية في العدد ٤٤٩ ناشد فيها أمنية له حارة أن يعني العلماء بجمع ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يميز من ذلك ما كان بصفته رسولاً وما كان بصفته إماماً أو قاضياً أو مفتياً، بعد أن مهد لذلك بمقدمة نعى فيها على علماء الإسلام حرمانهم النبي صلى الله عليه وسلم من حق الاجتهاد وصورهم كأنهم يرون النبي صلى الله عليه وسلم اسطوانة لجبريل حيث غلبوا صفة الرسالة على صفة البشرية، إلى أن قال فيهم: ومن زعم ذلك فقد لاقى في رأيه من قريب أو بعيد بالذين يقولون (أبعث الله بشراً رسولاً). ومعلوم أن قائلي ذلك هم الكفار

وماذا يقول الأستاذ في أن كتب الأصول من أولها إلى آخرها تقول بصحة اجتهاد الرسول، وأنه إذا أخطأ في الاجتهاد نزل الوحي بتصحيح الخطأ، لأننا مأمورون في القرآن الكريم بالاقتداء به ولا نقر بحال على الاقتداء به خطأ. كذلك نصت جميع كتب الأصول وكتب الشريعة جمعاء على تقسيم أفعاله صلى الله عليه وسلم إلى ما كان منها جبلياً أو من قبيل العادات فلا يكون شريعة ولا نحن مأمورون بالاقتداء به فيها، وإلى ما هو بيان لما جاء في القرآن أو نزل بالوحي فيجب أن يكون تشريعاً عاماً، وتحدثوا عن ذلك بإفاضة حتى مازوا ما يصدر عنه بصفة كونه إماماً، وما يصدر منه بصفته مبلغاً أو قاضياً أو مفتياً وهي الشخصيات التي أرادها الأستاذ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو أول من أمر الصحابة بالتفرقة بين ما يصدر عنه بصفته رسولاً وما يصدر عنه بصفته من البشر. جاء في صحيح مسلم عنه قال: (إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به وإذا أمرتكم

<<  <  ج:
ص:  >  >>