منهم، إذا لم يكن أن يكون لهم في مضمار العلم فضل الابتكار.
ونأمل أن يتفضل المقتطف الأغر بنشر هذا الاستدراك في عدده القادم.
السيد العجمي
رأي الأئمة في المذاهب الصوفية
بعد أن أطلعت - أيها القارئ الكريم - على فتوى الإمام (الطرطوشي) بالشين في المذاهب الصوفية، يجدر بك أن تسمع رأي أئمة الفقه المجتهدين في هذه المذاهب الصوفية التي ذر قرنها في أواخر القرن الثاني للهجرة، وظهر الشذوذ في المنتحلين لها في القرن الثالث للهجرة
قال الإمام الشافعي الذي توفى سنة ٢٠٤هـ: إذا تصوف الرجل في الصباح لا يأتي المساء إلا وهو مجنون. وأنكر الإمام أحمد الذي توفى سنة ٢٤١هـ بعده على خيارهم، ونهى عن قراءة كتب الحارث المحاسبي على التزامه الكتاب والسنة علماً وعملاً. وروى الخطيب بسند صحيح أن الإمام أحمد سمع كلام المحاسبي فقال لبعض أصحابه: ما سمعت في الحقائق مثل كلام هذا الرجل، ولا أرى لك صحبتهم. وسئل الإمام أبو زرعة عن الحارث المحاسبي وعن كتبه التي ألفها في: أصول الديانات، والزهد على طريق الصوفية؛ فقال للسائل: إياك وهذه الكتب، بدع وضلالات. عليك بالأثر، فإنك تجد فيه ما يغنيك عن هذه الكتب؛ فقيل له: في هذه الكتب عبرة؛ فقال: من لم يكن له في كتاب الله عبرة، فليس له في هذه عبرة - بلغكم أن مالكاً أو الثوري أو الأوزاعي أو الأئمة صنفوا كتبا في الخطرات والوساوس وهذه الأشياء؟ هؤلاء قوم قد خالفوا أهل العلم. ثم قال: ما أسرع الناس إلى البدع!
ومن خيار الصوفية الوعاظ المتقدمين منصور بن عمار، وقد ذكر بن مفلح في كتاب (الآداب الشرعية) أن الإمام أحمد نهى عن كلامه. وقد أنكر الغزالي في كتاب (الغرور من الإحياء) على المتشبهين بالصوفية، وكان ذلك في أواخر القرن الخامس، فإن الغزالي توفى سنة ٥٠٥، وكان قد تاب إلى الله من علوم التصوف والكلام وانقطع إلى علم السنة. ثم أن ابن الحاج المالي المتوفى سنة ٧٣٧هـ تكلم في كتابه (المدخل) على هؤلاء المتشبهين