للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأشياء الشهية حين يوجه إليها النهي، ولو عن طريق التنزيه، كما أفتت الحية الباغية

- لا تذكر الحية بسوء أن تكون للمرأة صديقات!

- هل يغيظك أن يكون لي في الجنة رفيقة اسكن إليها من وقت إلى وقت؟ أنت إذن لا تحبني

- احبك حباً لا يطاق، ولهذا الحب عواقب ستعملين أنباءها بعد حين!

- قبلني أن كنت تحبني

- ستقبلك الحية فهي أقرب إليك مني!

(وفي تلك اللحظة سمع فحيح هو دعوة الحية فجرت إليها حواء، وتركت آدم لمصارعة ما في صدره من آراء وأهواء)

فماذا قال آدم لضميره وهو يحاوره تحت السدرة بعد انصراف حواء؟

من كلام شيث نفهم أن آدم زلزل بعد ذلك الحوار، فقد تأهبت نفسه لمناقشة الأوامر والنواهي، وصح عنده أن لكل مسالة وجهين، وان من حقه كمخلوق مفكر أن يدرس ما يعرض لذهنه من حقائق وأباطيل

بدا له أولاً أن الطاعة أفضل، وأن الهيام بالتخريج والتأويل قد يكون من نزغات الشياطين؛ ثم رجع فرجح أن النهي قد يكون ضرباً من الإغراء، فليس بمعقول أن تكون ثمرة التين من الخبائث وهي فيما يظهر طيبة المذاق.

والتفت مرة ثالثة فرأى من الحمق أن يخالف الرجل عن أمر الله من أجل امرأة

ثم عاد فرأى أن تلك المرأة هي رفيقه الأول والأخير في الفردوس، فما ارتاحت نفسه لرؤية الأشجار والأزهار إلا وهو مأهول الروح بهوى حواء

هي امرأة لا تخلو من هوج وطيش وسخف، ولكنها من ذوات المعاني، فقد كانت تعرف كيف تصيره جذوة من الصبوة حين تشاء، وكان آدم لا يتمتع بإشراق الفكر إلا في لحظات الصبوات.

ومن عجيب أمره أنه كان يتمثلها حين تغيب، فقد كانت ذاكرته تعي الأصوات والألوان والحركات إلى الحد الذي يسمح بأن يعانق حواء وبينه وبينها فراسخ وأميال

ولكن. . . ولكن الله نهاه عن الشجرة، فماذا يصنع؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>