الاجتماعية - بما فيها من تنوع في النشاط المادي والروحي - هي نتيجة حتمية للتأثيرات والعوامل الطبيعية للمنطقة التي تشغلها تلك البيئة الاجتماعية؛ فإذا أينعت الأرض وعم خيرها وصلح جوها شبعت الجماعة وكثر نشاطها وعم فرحها وتنوعت ظواهرها الاجتماعية وتميزت عناصرها الجنسية.
وهناك فريق آخر من العلماء يقولون إن غاية علم الجغرافيا البشرية هي دراسة العلاقة بين الإنسان وبين البيئة الجغرافية التي يسكنها وأثر كل منهما في الآخر وتحديد ما يتركه هذا الأثر في التكوين الاجتماعي. ويظهر أن هذا هو الرأي الأخير الذي استقر عليه عامة الجغرافيين والاجتماعيين.
وأما علم الأنتولوجيا فإنه لم ينج أيضاً من تلك العقبات الموضعية عند نشأته، فقد اعتبره (كترفاج) أحد فروع الزيولوجيا وجاء بعده (بروكا) وتلامذته (أرنست هامي)(وفرنو) فتوسعوا في فهم هذا العلم ووضعوا أسسه المختلفة، فضموا إليه دراسة المدنيات واللغات، وتسابقت الدول بعد ذلك في إدخال تعديلات وزيادات في مناهجه وأسسه كل منها حسب فهمها له والغاية التي ترجوها منه؛ فبعض هذه الدول كان يتخذه أداة صالحة للاستعمار، وبعضها الآخر يتناوله على أنه علم قائم بذاته له تجارية وأوضاعه؛ وغنى به كثيراً في الفترة الأخيرة في ألمانيا وإنجلترا وفرنسا وأمريكا.
وهكذا حال بقية العلوم الاجتماعية الأخرى مثل علم النفس الاجتماعي وعلم الاقتصادي الاجتماعي وغيرهما لم تكن أثبت وأدعى للطمأنينة فيما سبق من العلوم، لأن ميادين تجاربها لم تتعين إلا قليلا ولم يتنوع العمل فيها إلا يسيرا
وبرغم هذا فإن تطور علم الاجتماع وبلوغه الدرجة التي يقف عندها الآن مدين في كثير منه إلى تلك العلوم، لأنها عملت وما زالت تتعاون فيما بينها على كشف حقيقة عدد قليل من الظواهر الاجتماعية والدينية والاقتصادية. وكثيرا ما استفاد إميل دركيم من البحوث الأثنولوجية التي قام بها (سبنسر وجلن) & على قبائل استراليا؛ وذلك حينما حاول دركيم عام ١٩١٢ تفسير الظواهر الدينية لدى الأمم المحدودة المدنية. ونرى كذلك (ليفي برهل) - يرجع دائما إلى نتائج البحوث الأثنولوجية حينما يريد أن يحدد ويحلل عناصر التفكير ووسائل التعبير عنه لدى الأممالمحدودة المدنية. وتجد أيضاً (ومرجان)(ووستر مارك)