وقد استمر هذا الفيض فنشأ عنه العالم، وأنت ترى أنهم يأخذون بنظرية الفيض التي ابتدعها الأفلاطونية الحديثة، وأنهم يقولون بالعناية الإلهية التي وضحها ابن سينا فيما بعد بقوله:(لما كان المبدع الأول يعلم ذاته ويعلم لذلك نظام الخير في الوجود المطلق كان علة للخير والكمال اللذين فاضا على الوجود عندما فاض الوجود نفسه، فانتقل بذلك نظام الخير إلى العالم بحسب القدر الممكن لهذا العالم)
والعالم عندهم على الترتيب الآتي:
١ - العقل الفعال: وهو جوهر بسيط روحاني أبسط من النفس وأشرف منها قابل لتأييد الباري تعالى علام بالفعل.
٢ - النفس الكلية: وهي جوهرة بسيطة روحانية علامة بالقوة فعالة بالطبع قابلة فضائل العقل بلا زمان، فعالة في الهيولي بالتحريك لها؟
٣ - الهيولي الأولى: وهي جوهرة بسيطة روحانية معقولة غير علامة ولا فعالة بل قابلة آثار النفس بالزمان منفعلة لها.
٤ - الطبيعة الفاعلة: وهي قوة من قوى النفس الكلية سارية في جميع الأجسام محركة مدبرة لها وتسمى النفوس الجزئية أو الملائكة.
٥ - الجسم المطلق: ذو الطول والعرض والعمق وهو الهيولي الثانية.
٦ - عالم الأفلاك: وسنتكلم عليه بالتفصيل فيما بعد.
٧ - العناصر السفلى: كالنار والهواء والماء والأرض.
٨ - المعادن والنبات والحيوان المكون من العناصر السابقة. وقد فاضت كلها من الله، ولكن وقف الفيض بعد الجسم المطلق الذي لم يفض منه جوهر آخر لنقصان رتبته عن الجواهر الروحانية.
عالم الأفلاك:
الأفلاك أجسام كرية شفافة مجوفة، وهي تسعة أفلاك مركبة بعضها في جوف بعض كحلقة البصلة، وهناك كرتان ليستا من الأفلاك، وهما كرة الهواء وكرة الأرض، فيكون المجموع إحدى عشرة كرة. وتقع الشمس في الوسط، وفوقها خمس كرات وتحتها خمس؛ فالتي فوقها