للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدولة وأخذ عمامته من رأسه ووضعها بين يديه، ورآه بعض أصحاب الأخبار فكتب بما كان منه، وخرج أستاذ دار، فخرق به وشتمه، وأخذ العمامة وضرب بها رأسه حتى تقطعت قطعاً، ووكل به واعتقله. فسئل فيد عضد الدولة، وقيل: هذا رجل محرور الرأس، ولا يستطيع ترك العمامة على رأسه، وإنما فعل هذا لذاك، لا لجهل بأدب الخدمة. فبعد مراجعات ما. أمر بإطلاقه)

(بغداد)

ميخائيل عواد

إلى الدكتور زكي مبارك

قرأت بمزيد الأسف ما كتبته في رسالة هذا الأسبوع من حديث تهكمت فيه بمن يدرس اللغات الميتة كما سميتها أنت، ونعيت فيه على الجامعة المصرية التي تعنى بإحياء ما اندثر وباد وانقطعت صلته بالحياة، وأنا في هذه الكلمة أضرب صفحاً عما أدخلته في هذه المسألة من جوانب شخصية، فإن هذا لا يعنيني، وإنما أنفذ إلى لب المسألة فأقول:

يؤسفني أن أرى الدكتور زكي مبارك - وهو الرجل العظيم الذي أحبه أشد الحب وأعجب بشخصيته أعظم الإعجاب - يتجرد من ثياب العالم الواسع الأفق والباحث الطويل الباع، وكيف يكون عالماً واسع الأفق وباحثاً طويل الباع من يجهل صلات العربية بهذه اللغة الميتة؟ كيف يكون كذلك من يجهل أن خدمة اللغة العربية خدمة صادقة حقاً تستلزم معرفة واسعة بلغات عاصرتها في أجيال طويلة من التاريخ فأثرت فيها وتأثرت بها؟ بل كيف يكون كذلك من يريد أن يفهم لغة بله أن يدرسها فلا ينظر إلى أخواتها التي تفرعت معها من أصل واحد؟

هل يصح في أذهان العلماء أن تدرس اللغة العربية دراسة لغوية لا تستند إلى مقارنات شتى بينها وبين العبرية والسريانية وسائر الأخوات؟ وهل ينكر أثر اليونانية واللاتينية في قاموس اللغة العربية؟ ثم هل ينكر وجوب دراسة الصلات بين الأدب السريانية والعبرية والأدب العربي، تلك الصلات التي لم أجد أحدا تنبه إليها حتى الآن إلا البعض القليل؟ ثم هل ينكر أثر الوراثة الأجنبية فيما نظمه ابن الرومي وأبو تمام؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>