وتبين الآن أن أمام حكيم أحد طريقين: فإما أن يموت، وأما أن يحدث له ما هو أسوأ من الموت وهو الوقوع أسيراً في أيدي اعداه، فجمع أتباعه وخطب فيهم قال:
أيها المؤمنون! لقد اختارنا الله ورسوله لإعادة بناء هذه الأمة واسترجاع مجد الإنسان؟ فلماذا إذن يثبط من عزمنا ويلقى اليأس في قلوبنا كثرة أعدائنا؟ أصغوا إلي! في الليلة البارحة والناس نيام سجدت لله طويلاً ودعوته في حرارة قلت: أبتاه! لقد رعيتني وحميتني هذه السنين الطوال فهل أثمت أو أثم أحد من اتباعي حتى تخليت عنا؟ فسمعت صوتاً يجيب: يا حكيم أن اتباعك الذين حافظوا على عهودهم وظلوا معك يناصرونك ولم يتخلوا عنك في ساعة الحرج، أولئك هم الذين سأنجيهم وأنصرهم، وأولئك هم الذين سيقاسمونك غنائم أعدائهم الطغاة وأموالهم. انتظر حتى يبزغ القمر الجدي، فإذا بزغ فأمرهم أن يحفروا خنادق في الأرض كثيرة فيسقط أعداؤهم فيها ويهلكون
ففعلوا ما أمروا به، وحفرت الخنادق وألقى فيها مقادير هائلة من الجير، ووضع على حافاتها أوان من النحاس كبيرة ملئت زيوتاً قابلة للاشتعال
وعندئذ أقام حكيم حفلاً كبيراً دعا إليه أنصاره فأكلوا وشربوا من الخمر الذي قدم إليهم
ولكنهم لم يلبثوا أن وقعوا على الأرض صرعى يألمون اشد الألم من السم الزعاف الذي مزجت به الخمر، ثم فارقوا الحياة. وكان حكيم وحده لم يذق هذه الخمر فاخذ جثثهم وألقاها في الخنادق ليتلفها الجير ثم سكب عليها الزيوت وأشعل فيها النيران؛ فلما تصاعدت أعمدة اللهب والدخان قفز فوق اتباعه فاحترق وكان من الهالكين
وفي اليوم التالي تقدم الخليفة وجيوشه صوب المدينة وأرادوا اقتحامها ولكنهم عندما اقتربوا من أبوابها وجدوها مفتوحة على مصراعيها بغير حراسة، فوقفوا قليلاً وترددوا خشية أن يقعوا في كمين أعد لهم؛ ثم دخلوها بعد قليل فإذ بها خالية من الناس، وإذا بالنبي وأتباعه جميعاً قد هلكوا إلا امرأة واحدة ن حظايا حكيم
قصة يكاد العقل يأبى تصديقها لغرابتها، وهي تبين المدى البعيد الذي يذهب إليه الناس أحيانا طمعا في الشهرة وبعد الصيت
تعليق
هذه هي القصة كما كتبها نابليون وهي تتفق في جملتها مع الرواية العربية التي سنأتي