والموسيقيين، وأصبحت نابلي إذ ذاك ف أوج مجدها الفني، إذ كانت مركزاً منفرداً للمدنية، انبثق منها إلهام حي سام متألق لجامياتيسنا
لقد كانت الدينة الغنية بفنانيها حقاً. لقد انطفأت شعلة حياة (كوريللي) و (وللي) ولكن الجمرة التي تركاها تأججت من جديد عندما نفخ فيها سحر (سكارلاتي) ولما قضى هذا الفنان أيضاً لم يكن إلا لفنان قادر سامي العبقرية، متوقد الروح، بعيد مدى الآمال، أن حفظ عظمتها وينهض بها
فكان برجوليزي فتاناً ولم يزل بعد في العشرين وارثاً ملهماً فذاً لهذا الإرث السامي من الفن العظيم. ما أسعده وما أتم نعمة الفن عليه! لقد بلغ المجد الذي تطلع إليه. لقد سطع عليه القبس الروحي الذي طالما عناه. لقد أصبح الفنان القادر الساحر
ثم خفق فؤاده يوماً ما شديداً عنيفاً عند ما دعي إلى بيت (سبينللي) النبيل الكبير
ثم خفق فؤاده مرة أخرى، ولكنه كان في هذه المرة أشد خفقاناً، حينما انتهت مراسيم التقديم، ووجد نفسه منحنياً أمام غيداء فاتنة. لقد تنازلت ابنة أكبر البيوتات النابولية أرستقراطية عن كبرياء عائلتها، رائعة دقيقة ساحرة، تلك هي ماريا سبينللي التي نظرت إلى الشاب الفنان بورجليزي، وألهبت شرارة حبها نار الوجد في حناياه!. . . وسواء أكان ذاك لفتنة فيه أم لسحر في موسيقاه فقد باحت بسر الجوى أعين لطاف فجاوبتها عيون! وصفق قلب فأسرع إليه قلب. . . وهكذا فاض روح الحب من النفس الجميلة والنفس الفنانة
ولكن وا أسفاه! لم يكن للقصيدة الأبدية من تمام. لقد كانا في ميعة الشباب وفتنته، يتدفق فيهما الشعور روح الجمال، وتفيض أعينهما إحساساً به، كما كان هناك على آخر ما يصل إليه البصر من نافذة القصر حيث يتصاعد عبير البرتقال قبور، ترفع نصبها في جنون تحت شمس الظهر المرهقة الحارة. أجل لقد كانا في ميعة الشباب، ولكن كان هنالك قبور بالقرب من عش غرامهما!
فلا عجب أن دار قدرهما قوياً قاهراً فعصف بهما عصفاً
تناثرت هنا وهناك الأحاديث! وعرى أرستقراطيو القوم وجوم ودهش. يا عجبا! ابن الشعب ذلك الحقير، يتطلع إلى أن يختلط دمه الأحمر الشديد الحمرة بدم أسرة سبينللي