الأزرق الشديد الزرقة! لتكن عبقريته ما هي، ليكن قدره ما يكون، ليكن مستقبله ما سيكون، ليكن كل شيء
لقد كانوا حمقى! وما كانوا غير ذاك. فإن من اتحاد الأحمر والأزرق يتكون ذلك اللون البنفسجي الرائع الذي يعلوهما!
تلك هي السماء
ولقد كانت الفكرة، بل التفكير فيها أمراً حراماً. . . ابن الشعب يتطلع إلى بنت البيوتات الرفيعة!
ثار أهلها كل الثورة، وحقدوا على الفنان كل الحقد، وبرموا به كل التبرم. وأما أشياعهم من ذوي التقاليد والأشراف ولهم فتيات قد يتطلع إلى إحداهن يوماً ما فنان من أبناء الشعب فقد شاركوهم الأمر، وتنكروا لفناننا برجوليزي
وهكذا تعبث الشهوات الزائلة بجلال الفن، وتعبث الأغراض الدنيئة بجلال الحب، وتفسد التقاليد العتيقة انسجام روحين؛ فما أحقر الإنسان إذا انطلقت فيه نوازع النفس الترابية وغطت على بصره، فظن أن الحياة مظاهر وتقاليد؛ وما كانت لتكون كذلك والزهر يعانقه الشوك ويقاسمه أغصان دوحته! أوصدت الأبواب المسرحية، وحبست الوجوه الباسمة، وولت الأقدام المقبلة، وأغلقت. . . وأغلقت تلك الخميلة التي طالما عزف فيها لماريا، وألهمته فيها ماريا
وحجبت عن نظراته الوالهة ابنة أسرة سبينللي
ولم يك يصل إليها إلا على جناحي أنشودة خالدة، وفي ثنايا نسمة عابرة، وبين ألفاف أمنية مستعرة. وثقلت به الحياة وثقل بها فانغمس في ألحانه الباكية، وترانيمه الحزينة، عساها أن تكون له عن دنياه سلوى، كما هي عن جواه
وتدفقت أمامه الشهرة الفارغة الجوفاء. وسجدت نابولي لعبقريته حين قدم لها في عام ١٧٣٠ قطعته الخالدة بعد نجاتها بأعجوبة من زلزال مروع. ولقد كانت قطعته هذه فريدة حقاً في نغماتها، وحيدة حقاً في ألحانها، فذة حقاً في معانيها، منقطعة حقاً في روعتها. ولقد أدرت عليه كل ما ابتغاه في فجر أيامه، وتمناه في متنفس عمره. أدرت عليه كل شيء ليضعه تحت قدمي ماريا، ماريا الفاتنة، ماريا ملهمته الفن الساحر القادر. ولكنما قدماها