ويتعمد تزييفه! فهو على ما يبدو ظاهر التحامل. على أننا لا ندري ما مبلغ الصحة في ما حكاه عن ابن خرداذبة، ولا الدواعي الحقيقية التي حماته على أن يشدّد النكير على صاحبه، لأن مؤلفات ابن خرداذبة التي ندد بها وانتقد أقوالاً منها ضاعت بأجمعها! ولهذا، نُرَ أنا في هذه الخصومة سنصغي - على الرغم منّا - إلى شهادة جانب واحد! وللتاريخ أن يحكم على صحة هذه الشهادة، ولعل الأيام تكشف لنا مصنفات ابن خرداذبة، فنعود نستمع إلى أقوالها، وقد ينجلي الأمر إذ ذاك وتتضح الحقيقة!
واليك أقوال أبي الفرج في خصمه، استخلصناها من أماكن مختلفة من كتاب الأغاني:
قال في (٥: ٣ من طبعة الساسي، أو ٥: ١٥٦ من طبعة دار الكتب المصرية) ما هذا بحرفه:
(وذكر ابن خرداذبة، وهو قليل التحصيل لما يقوله ويضمنه كتبه، أن سبب نسبته (أي نسبة إبراهيم الموصلي) إلى الموصل، إذا سكر كثيراً ما يغني على سبيل الوَلَع:
أناجت من طرق مَوْصل ... أحمل قلل خَمْريَا
من شارب الملوك فلا ... بُدَّ مِن سُكْرِيَا
وما سمعت بهذه الحكاية إلا عنه؛ وإنما ذكرتها على غثاثتها لشهرتها عند الناس، وأنها عندهم كالصحيح من الرواية في نسبة إبراهيم إلى الموصل، فذكرته دالاّ على عواره) أهـ.
وقال في (١: ١٨ س، أو ١: ٣٦ د):
(وذكر ابن خرداذبة أنه (الكلام على مبعد المغنى) غَنَّى في أول دولة بني أمية وأدرك دولة بني العباس وقد أصابه الفالج وارتعش وبطل، فكان إذا غنى يُضحك منه ويُهزأ به. وابن خرداذبة قليل التصحيح لما يرويه ويضمنه كتبه. والصحيح أن معبداً مات في أيام الوليد بن يزيد بدمشق وهو عنده. وقد قيل: إنه أصابه الفالج قبل موته وارتعش وبطل صوته. فأما إدراكه دولة بني العباس فلم يروه أحد سوى ابن خرداذبة، ولا قاله ولا رواه عن أحد وإنما جاء مجازفة) أهـ.
ونظير ذلك قوله في (٦: ١٥ س، أو ٦: ١٧٣ د):
(وذكر ابن خرداذبة، أنه (يقصد يحي المكيَّ) مولى خُزاعة. وليس قوله مما يحصل، لأنه