بالمضغ واللوك ليمتع به حاسة الذوق، فوق ما يسدي به إلى حاسة الشم من فضل ومتعة، ثم ذكرني كيف يعامل لفافته، بعد أن يقضي منها وطره، فتجفوها أنامله إذ تدنو نارها ويلين طرفها، وتنفر منها شفتاه إذ تترطب وتصطبغ، ويمجها ذوقه إذ ترشح منها عصارة، ويمقت خيشومه رائحتها القوية النتنة؛ وكيف يقضي عليها بالخنق في إناء أو بالطرح في الطريق، ويحول عنها بصره مشمئزاً، ثم ينساها كأن لم تكن. ذكرت هذا وذاك حين خطرت ببالي (السبارس) أعقاب اللفافات، وما كنت لأورد هذا التشبيه، لولا أنه جاء عفواً وفرض نفسه عليّ؛ وما كنت لأستبيح لنفسي توجيه هذا النقد، لولا أنه يشملني كمسلم
أما فيما يتصل بعقد مؤتمر إسلامي، فأذكر أنه عقد واحد في القدس قبل عشر سنوات اشترك فيه ممثلون للمسلمين في جميع أقطار المعمور؛ وأنه اتخذ مقررات ذات بال، وأنشأ مكتباً دائماً ظل يعمل بضع سنوات، ومن الضرورة القصوى أن تستمر الدعوة إلى مؤتمر إسلامي دوري، يعقد مرة في كل بضع سنوات في إحدى العواصم الإسلامية. ولست أرى الحرب منعاً لذلك، إذ كل ما فيها أنها تقلل عدد الأقطار الممثلة فيه بعض التقليل. ثم هب أنها تجعل الاشتراك فيه مقصوراً على بلدان الشرقيين الأدنى والأوسط - بل هب أنها تضيق الحلقة أكثر من هذا فتحصره في الأقطار العربية - أليس فيما يبقى من خيراته الشيء الكثير؟ هل من المبالغة أن نقول إن الأقطار العربية قلب العالم الإسلامي ونواته؟ وهل من الخطل أن نحسب الجمع بين رجالات الدين والعلم فيها أمراً قريب المنال، وأن نعد اتفاق كلمتهم على الإصلاح خطوة واسعة نحو العمل الموحد المجدي في سائر أنحاء ذلك العلم؟ كلا، بل هو من واقع الأمور
إنه لمن دواعي الأسف الشديد أن ينجح عضو من جماعة كبار العلماء في (نسج الشكوك حول برنامج الإصلاح الذي اقترحه شبابها المصلحون وأقره أقطابها المخلصون!) - على حد قولكم - ولكن ماذا في هذا البرنامج؟ ألا ينطوي على استعراض لمواطن الضعف، ويوصى بطرق معقولة عملية للعلاج؟ ألا يستنير بهدى الدين، ويبصر بعين العلم؟ فإذا كان كذلك، فمن تكون جماعة (كبار العلماء) تلك التي ترضى لبرنامجها ذاك أن يعطله أحد - صغر - الجهلاء؟!
نحن قوم لم نُرض نفوسنا على التعاون، وعملنا المنفرد أدعى إلى الأمل في النجاح من