- ستفهم بعد لُحَيْظات، وستندم على أن لم تأكل شجرة التين بفروعها وجذورها
- أرجعُ فآكلها أكلاً لَمَّا؟
- أحترس ثم احترس، فأنت نبيّ، والأنبياء يراعون ظواهر الشرائع قبل أن يراعوا بواطن الحقائق، ترفقاً بمن يغيب عنهم إدراك اللباب من أسرار الوجود
- إذن كان من حقي. . .
- لا حق لك في شيء، فامض خاشعا إلى ساحة العدل
- بدون خوف؟
- بأعنف صورة من صور الخوف، لأن الله يبغض الآمنين أشد البغض
- وكيف؟ كيف أيها الهاتف؟
- لأن الشعور بالأمان بداية الخذلان، والله لا يرضى لك أن تسير إلى الانحلال
سريرة حواء
رأيت حواء بجزع وارتياع أنها لم تُدع لحضور (ساحة العدل) إلا مع الشهود، فما معنى ذلك؟ معناه أنها ترتق إلى منزلة العقاب، ومعناه أن منزلتها في هذه القضية منزلة ثانوية، ومعناه أنها لم تجترح غير الإغواء، وهو ذنبٌ مقسَّم على ثلاثة شخوص: الحية وإبليس وحواء. . . ثم صرختْ:
- أنا الجانية، أنا الجانية، وآدم لم يأكل ثمرة التين إلا من يدي
فهتف هاتف: لن يُنصَب للمرأة ميزان، وهي التي تفرّق بين الابن وأبيه والأخ وأخيه، ولن يغفر الله للمرأة أنها لا تدخل بيتاً إلا شطرتْه إلى شِيَع وأحزاب، وقد كانت وستكون أول مصدر للنزع والشقاق
- لعلك تريد حواء الأولى، أيها الهاتف؟
- حواء الأولى لم تعرف التبرّج
- وأنا متبرّجة. . . أنا؟؟
- نعم فقد شهدُتك تَنْظِمين من حُبوب الِبِسَّلة عِقداً تزيّنين به جيِدك الأغيد، ورأيتك تعصرين الزهر بين كفَّيْك ثم تمسحين بعصيره أجزاء من جسمك البديع لتظهر عليه خطوط وردية أو عسْجَدِية