صحة هذا الزعم فأيده وجزم أنه كان يرى الشعاع كل ليلة مدة إقامته بالمدينة. وقال: أن ذلك دليل على رضى الله وإكرامه لسيدنا محمد (ص)، ولم أجرؤ أن أستفهم عن حقيقة ما يزعم رؤيته بعينه ولا الإشارة إلى أن أكثر النوار التي تضاء في المسجد كل ليلة قد تحدث ذلك الأثر. غير أنى سألت صديقي أن يصف لي بناء القبر وقبته الخ؛ فأجاب أنه لم يدخل الضريح ولا الكعبة لاضطراب أعصابه نتيجة لإعظامه هذه الأماكن المقدسة وخاصة قبر الرسول الذي يؤثر فيه تأثيراً شديداً؛ ولأنه حنفي المذهب لا يليق به أن يسير فوق هذه الأرض المقدسة ويتعرض كل حين لمكاره المشي حافياً، ومن ثم كان عليه في هذه الحالة أن يلبس خفاً داخل الحذاء الخارجي، وهذا مالا يقدر عليه. ويزعم الحجاج أيضاً انهم يرون دائماً على مسير ثلاثة أيام من المدينة نوراً في اتجاه المدينة المقدسة ويعتقدون أنه ينبعث من قبر الرسول. ويقولون أنهم حيثما يتجهون يشاهدون هذا النور تجاه المدينة. ولهذه الروايات جمال يؤثر في النفوس ويحمل المسلمون، وبخاصة المصريون على اختلاف مذاهبهم، ما خلا الوهابيين، للأولياء المتوفين احتراماً وتقديساً لا سند لهما في القرآن أو الأحاديث، أكثر مما يحملون للأحياء منهم. ويشيدون فوق أغلب قبور الأولياء المشهورين مساجد كبيرة جميلة. وينصبون فوق قبور من هم أقل منهم شهرة بناء صغيراً مربعاً مبيضاً بالكلس ومتوجاً بقبة. ويقام فوق القبر مباشرة نصب مستطيل من الحجر أو القراميد يسمى (تركيبة)، أو من الخشب ويسمى (تابوتاً)، ويغطى النصب عادة بالحرير أو الكتان المطرز ببعض الآيات القرآنية، ويحيط به قضبان أو ستر من الخشب يسمى (مقصورة). وأكثر أضرحة الأولياء في مصر مدافن إلا أن أكثرها يحتوي على آثار قليلة لهم. وبعضها ليست إلا قبوراً فارغة أقيمت تذكاراً للميت. وأكثر هذه المقامات قدسية مقام الحسين إذ يقال أن رأس الحسين الشهيد مدفون به. ومنها أيضاً مسجد السيدة زينب وهو دون الأول قدسية. ومسجد السيدة نفيسة، ومسجد الأمام الشافعي الذي ينتمي إلى مذهبه أكثر القاهريين. وتوجد هذه الأبنية السابقة ما خلى الآخَريْن داخل العاصمة. أما مسجد السيدة نفيسة فهو في إحدى الضواحي الجنوبية، ومسجد الأمام الشافعي في المقبرة الجنوبية الكبيرة
ويزور المصريون هذه الأضرحة وغيرها أحياناً أما إجلالاً للميت أو قياماً بأعمال تستحق الثواب لأجل هؤلاء المكرّمين معتقدين أنهم سينزلون عليهم البركات، وأما بقصد التماس