للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يصح الاعتماد في شأن المغيبات.

وثالثاً: على ما جاء في حديث المعراج من أن محمداً صلى الله عليه وسلم حينما صعد إلى السماء وأخذ يستفتحها واحدة بعد واحدة فتفتح له ويدخل، رأى عيسى عليه السلام هو وابن خالته يحيى في السماء الثانية. ويكفينا في توهين هذا المستند ما قرره كثير من شراح الحديث في شأن المعراج وفي شأن اجتماع محمد صلى الله عليه وسلم بالأنبياء وأنه كان اجتماعياً روحياً لا جسمانياً (انظر فتح وزاد المعاد وغيرها)

ومن الطريف أنهم يستدلون على أن معنى الرفع في الآية هو رفع عيسى بجسده إلى السماء بحديث المعراج بينما ترى فريقاً منهم يستدل على أن اجتماع محمد بعيسى في المعراج كان اجتماعاً جسدياً بقوله تعالى: (بل رفعه الله إليه) هكذا يتخذون الآية دليلاً على ما يفهمونه من الحديث حين يكونون في تفسير الحديث، ويتخذون الحديث على ما يفهمونه من الآية حين يكونون في تفسير الآية!

ونحن إذا رجعنا إلى قوله تعالى: (إني متوفيك ورافعك إلي) في آيات آل عمران مع قوله: (بل رفعه الله إليه) في آيات النساء وجدنا الثانية إخباراً عن تحقيق الوعد الذي تضمنته الأولى، وقد كان هذا الوعد بالتوفية والرفع والتطهير من الذين كفروا، فإذا كانت الآية الثانية قد جاءت خالية من التوفية والتطهير، واقتصرت على ذكر الرفع إلى الله فإنه يجب أن يلاحظ فيها ما ذكر في الأولى جمعاً بين الآيتين.

والمعنى أن الله توفى عيسى ورفعه إليه وطهره من الذين كفروا. وقد فسر الآلوسي قوله تعالى: (إني متوفيك) بوجوه منها وهو أظهرها (إني مستوفي أجلك ومميتك حتف أنفك لا أسلط عليك من يقتلك؛ وهو كناية عن عصمته من الأعداء وما هم بصدده من الفتك به عليه السلام لأنه يلزم من استيفاء الله أجله وموته حتف أنفه ذلك) وظاهر أن الرفع الذي يكون بعد التوفية هو رفع المكانة لا رفع الجسد خصوصاً وقد جاء بجانبه قوله: (ومطهرك من الذي كفروا) مما يدل على أن الأمر أمر تشريف وتكريم. وقد جاء الرفع في القرآن كثيراً بهذا المعنى: (في بيوت أذن الله أن ترفع. نرفع درجات من نشاء. ورفعنا لك ذكرك. ورفعنا مكاناً علياً. يرفع الله الذين آمنوا) الخ. . . وإذن فالتعبير بقوله (ورافعك إلي) وقوله: (بل رفعه الله إليه) كالتعبير في قولهم: (لحق فلان بالرفيق الأعلى) وفي (إن الله

<<  <  ج:
ص:  >  >>