للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي يشقه بجبل بيسُتون وهو راكع أمامها يرتشف من قَعْب خزفي جرعة من شراب أعطته إياه شيرين لتهدئة ما طغى عليه من الوجدان بتأثير هذه الزيارة المفاجئة. وإلى جوار فرهاد لوحة نحتها في الصخر لتخليد ذكرى فتح هذا الطريق العظيم، وقد نحت في أعلى هذا اللوحة صورة خسرو وهو واقف بين حبيبته شيرين وبين موبذ الموبذان، وفي اسفلها صورته وهو راكب على فرس شبديز. وقد أراد المصور أن يمثل هنا الصورة الشهيرة التي نحتها المثَّال فرهاد في صخور (طَاق بُستان) والتي خلدت لهذا المثال شهرة واسعة.

(أنظر الشكل٢ القادم). ونلاحظ في هذه الصورة الغبار الذي يتطاير خلف جواد خسرو على هيئة السحب الصينية (تشي)، وهذا يدل على مقدار ما بلغه تأثير التصوير الصيني في أسلوب مدرسة شيراز التيمورية في إيران. ومن ميزات أسلوب هذه مدرسة ما نراه في هذه الصورة من الحركة والحياة في رسم المنظر في الهواء الطلق، بخلاف ما كان متبعاً في المدارس السابقة لهذه، من رسم المناظر في داخل المباني وما يقتضيه ضيق المكان من الجمود الذي يظهر في رسم الصور. كما أن رسم الأشجار المورقة المحيطة بالمنظر صار منذ هذا العصر من التقاليد المتبعة في تصوير المناظر الخارجية وهذه الصورة في مخطوط للمنظومات الخمس للشاعر نظامي يمكن تأريخه بين سنتي ٨١٣ و٨٢٣ هجرية (١٤١٠ - ١٤٢٠م)، وهو محفوظ في مجموعة كارتيير بباريس.

وفي (شكل٢) النقوش الخالدة التي يقال إن المثّال فرهاد نحتها بداخل كهف الملك خسرو برويز في طاق بستان. ويقع طاق بستان في ناحية الشمال الشرقي من كرمانشاه، في سفح جبل بيستون في مكان ملئ بالخضرة الناضرة والمياه الجارية. ويتألف من عدة كهوف أمر بنحتها بعض ملوك الأكاسرة في صخر الجبل. وينسب أكبر هذه الكهوف للملك خسرو برويز، وفي الحائط لهذا الكهف نحت فرهاد هذه النقوش، فنرى في أعلى الصورة خسرو بين شيرين وموبذ الموبذان، أو كما يقول رأى آخر بين الإلهين هرمز وأناهيب هما يبايعانه بالملك. وفي أَسفل الصورة خسرو على جوادهِ شبديز ويذكر أبو عمران الكسروي طاق بستان في الأبيات الآتية

وهم نقروا شبديز في الصخر عبرةً ... وراكبه برويزُ كالبدر طالع

<<  <  ج:
ص:  >  >>