بالنسبة إلى أرباحه أو ثروته التي يتمتع بها في ظل تلك الدولة.
ولكن قد يعترضنا في ذلك رأي له وجاهته: فهل يجوز أن يؤخذ من أولى المكاسب الضئيلة عشر ما يكسبون مثلاً، ويؤخذ العشر كذلك من أولئك الأغنياء والموسرين الذين تأتيهم الأموال سيولاً كل حين. . . أفي هذا عدل؟
وهل إن وطأة الضريبة التي يشعر بها أولئك الكاسبون الضعفاء تساوي أو تقارب ذلك الأثر الذي يكاد لا يحس به الأغنياء عند إعطاء عشر ما يحصلون عليه سنوياً من الأموال الطائلة. . .
اختلف الكتاب حول هذه النقطة الحساسة، ولا يزال حتى الآن ناشباً بعض النشوب، بيد أن معظم الكتاب المحدثين قد أجمعوا أخيراً على أن العدل ألا تكون نسبة الضريبة متساوية على جميع الأفراد، وهي ينبغي أن ترتفع شيئاً فشيئاً كلما زادت أرباح الفرد أو ثروته مائة بعد مائة، وهذا هو ما نجده اليوم مطبقاً في أغلب الأمم الراقية. وقد وصلت النسبة في بعض الدول إلى ٨ %.
وإذا رجعنا إلى النظام الذي كان متبعاً على عهد الإسلام، نرى أن المشرع الإسلامي قد فطن إلى هذه النقطة، ونجد أن الدولة الإسلامية قد سارت حسب تلك الطريقة:
يحدثنا أبو يوسف عن الزهري عن سالم عن ابن عمر:(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب كتاباً في الصدقة فقرنه بوصيته ولم يخرجه حتى مات، فعمل به أبو بكر ثم عمر من بعده، فكان فيه: في كل أربعين شاة شاة واحدة حتى تصل إلى مائة وعشرين، فإذا زادت فشاتان عن كل أربعين حتى تصل إلى مائتين، فإذا زادت فثلاث شياة حتى ثلاثمائة، فإذا زادت ففي كل مائة شاة شاة. . .)
هذا مثل واحد نورده للقارئ يتضح له فيه أن هذا النوع من الضرائب قد طبَّق في الإسلام قبل ما يناهز الثلاثة عشر قرنا من تطبيقه أخيراً في الأمم الحديثة.
ويجدر بنا انم نذكر أن النسبة المتصاعدة هذه في فرض الضريبة لم تستعمل إلا حديثاً جداً، وذلك تحت ضغط المبادئ الديمقراطية والاشتراكية التي تغلغلت أخيراً في صميم المجتمع.
ولا تعجب - أيها القارئ - إذا علمت أن من كان يقول بها قبل جيل أو جيلين كان يعتبر من الشيوعيين أو الفوضويين وكان يتهم بأشنع التهم وأبشعها