للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

من هو ابن باجة

هو أبو بكر محمد بن يحيى بن الصائغ المعروف بابن باجَّه ولد في مدينة سرقسطة في أواخر القرن الخامس الهجري في ذلك الوقت الذي عصفت فيه ريح الانحلال بدولة بني أُمية بالأندلس، وشب أبو بكر والمرابطون يحكمون في البلاد، فاتخذه حاكم سرقسطة أبو بكر بن إبراهيم صهر أمير المرابطين جليساً له ووزيراً مما أوغر صدر العساكر والفقهاء ولكن الأحوال في سرقسطة اضطربت وهاجمها الفونس الأول ملك أرجونة فسقطة في يده عام ٥١٢هـ و ١١١٨. فرحل عنها ابن باجه، وذهب إلى أشبيلية، واستقر بها وألف فيها بعض رسائله في المنطق كما يقول مونك وقد فرغ من إحداها في شوال سنة ٥١٢هـ، وتوجد في مكتبة الأوسكوريال تحت رقم ٦٠٩. ثم قصد ابن باجَّه مدينة غرناطة وأقام بها مدة، ومن ثم ذهب إلى بلاد المغرب. ولما مر بشاطبة اعتقله الأمير أبو اسحق بن يوسف بن تاشفين كما روى الفتح ابن خاقان بسبب لم يذكر ولعله الزندقة، ولكن ما لبث أن أطلق سراحه بشفاعة والد الفيلسوف - ابن رشد

وروى أن أبا بكر بن يحيى بن تاشفين استوزر ابن باجَّه عشرين سنة، ولكن (مونك) يشك في ذلك لأن الحوادث التاريخية لا توافق هذه الوزارة؛ إذ أن أبا بكر بن تاشفين كان قد فر من فاس سنة ٥٠١هـ - ١١٠٧م؛ وذلك قبل نزوح ابنه إلى بلاد المغرب فيظهر أن مسألة الوزارة هذه غير صحيحة

مات ابن باجه ولم يعدُ طور الشباب، وقيل إنه مات مسموماً إذ كاد أطباء بلده حسداً منهم وحقداً. وكان ابن باجه قد منى بأعداء كثيرين، وكانت وفاته في رمضان سنة ٥٢٣هـ - ١١٣٨م بمدينة فاس، وكان قبره بجوار قبر القاضي ابن العربي

ومن أشهر أعدائه الذين حاربوه ورموه بالزندقة والكفر والخروج عن جادة الدين الفتحُ بن خاقان الفرناطي صاحب (قلائد العقيان)؛ ومما قاله قادحاً فيه: (إن ابن باجه رمد جفن الدين. وكمد نفوس المهتدين، اشتهر سخفاً وجنوناً، وهجر مفروضاً ومسنوناً، ناهيك من رجل ما تطهر من جنابة ولا استنجي من حدث، ولا أقر بباريه ومصوره. . . نظر في تلك التعاليم، وفكر في أجرام الأفلاك وحدود الأقاليم، ورفض كتاب الله الحكيم، واقتصر على الهيئة: (الفلك)، وحكم للكواكب بالتدبير، واجترأ عند سماع النهي والإيعاد، واستهزأ

<<  <  ج:
ص:  >  >>