المربي، وقد عرفته من قبل وصافا للأسر الذاهبة والشخصيات الضعيفة. وتحدث بشجاعة ولكن بتحيز دائماً عن (ضرورات العصر) مشيرا بذلك إلى المسائل الشائكة الخاصة بنظام الدولة والمسائل الخارجية وكذلك معنى النفسية الجديدة؛ وتحدث بالأخص عن تقاليد الفن والحياة؛ عن تراث القرن التاسع عشر كله من جيته إلى فاجنرونيتشه ثم إلى الروس. وفي سنة ١٩٢٤ ظهرت روايته التهذيبية الكبيرة (جبل الساحر) وهي رواية في الظاهر فقط، ولكنها في الأصل صورة لأوربا في أحوال صمتها ومرضها ونقاهتها، وضعت في شكل مناقشة بين جماعة من الشخصيات الأوربية ذهبت بسبب المرض أو غيره إلى آكام دافوس (في سويسرا).
- ٨ -
كذلك اشترك في هذا الجدل علماء مثل ماكس فيرومكس ترلنش. بيد أنه قد اضطلع بأعظم قسط من هذا الجدل طائفة من الشخصيات ليست من رجال العلم ولا من رجال الفن، ولكنهم كفلاسفة مستقلين استخلصوا جميع التقاليد، وتحدثوا عن طوالع العصر على نحو ما فعل تاين في فرنسا عقب كارثة سنة ١٨٧٠. ومن الحيف أن نصف هؤلاء الرجال بأنهم فنانون أو علماء، فقد فسروا العلوم الطبيعية والتاريخية في عصرهم بطريقة فلسفية سياسية. ومثل هذه الجهود لا يمكن أن تخلو من العيب، فهي تتطلب كثيرا من المعارف الشخصية وقوة التناسق، والنظر إلى الحقائق ومقدرة كبيرة على التنبؤ: بيد أنه إذا كان الشخص المستقل يبالغ في تقدير كفايته في هذا الميدان، فكذلك يجب ألا ننسى أن مرحلة التطور لا يمكن أن تحل دون أن تبذل هذه الجهود للتطلع إلى كل شيء
ونستطيع أن نذكر ماكس شيلر، ولدفيج كلاجي، بين الذين أسسوا فلسفة جديدة في علم طبائع الإنسان
وقد كان كتاب أزوالد شبنجلر (انحلال الغرب) أشد ما يمثل هذه الطائفة. وهو كتاب أسوأ ما فيه عنوان. وقد اعتبر مع ما فيه من العيوب أعظم حادث أدبي في الحركة الأدبية الألمانية بعد الحرب
وفي هذا الكتاب يدرس شبنجلر قوانين النمو والانحلال في التاريخ، ويشرح بصفة عامة الأشكال التاريخية بأسلوب الدرس المقارن في العلوم الطبيعية في أصول الاصطلاحات