الخاصة بالنبات والحيوان، ويتناول في بحثه كل ما يتصل بمصير الإنسان وطالعه، سواء من ناحية الدولة أو من ناحية المجتمع، وكذا من ناحية الفنون والعلوم الرياضية بنوع خاص. ويعتقد شبنجلر أنه قد استطاع بهذا العرض أن يطلع مواطنيه على المكان الذي يستأنف من التاريخ سيره، وعلى واجبات العصر الذي سيلي، ومصاير القرن الآتي. بيد أن شبنجلر لم يكن بالطبع أستاذاً في جميع العلوم التي تناولها بحثه، ويستطيع الإنسان دون جهد أن يحصي عليه الخطأ في كل خطوة. وقد أنكر العلم والفلسفة كتابه، ولكنه يعتبر مع ذلك إنجيلا لعصره وفيه مزايا لا تنكر. وإذا كانت روحه ثقيلة الوطأة، فأنه في ذاته مسهل الآراء، مبسط العلم، ذو بيان سلس قوي. كذلك يعتبر الكتاب من الناحية المعنوية قوي الحجة ينم عن أبدع الخواص الألمانية. وقلما أنكر على الألمان انهم يعرفون كيف يواجهون القدر المحتوم مواجهة الأبطال، فكتاب شبنجلر ينفس من أوله إلى آخره هذا الرضوخ الرفيع الرائع للقدر
والى جانب شبنجلر نجد الكونت كايزرلنج مؤسس أكاديمية الحكمة في (دارم شتات) وهو محلل قدير لحضارات العالم وأديانه وفي مذكرات سياحاته: وفي دراساته عن أمريكا وعن الشعوب الأوربية نجد نوعا من دائرة معارف تتناول كل المسائل التي تهم الألمان بنوع خاص والأوربيين بنوع عام، منذ أن قربت السياسة الحديثة والاقتصاد الحديث بين تقاليد القارات العظيمة ورسالاتها وهذه الدراسات صورة قوية لكفاح الشباب الألماني ضد مؤثرات العالم الخارجي. ففي مئات الكتب وفي آلاف الجماعات، يتجه البحث إلى بيان أصل الإنسان، وما له من ماضيه الخاص، وما كسبه من الأمم الأخرى. وقد ظهر أثر هذه البحوث في المسائل السياسية وكان يشتد كلما تقادم العهد على الحرب، وذلك في نفس الوقت الذي تطورت فيه الحركة الأدبية من التعبير إلى الحقيقة، وأخذ الاهتمام يتجه من التحليل والمباحث الدينية والمثل الخيالية إلى ناحية الماضي القومي والى ناحية الشئون السياسية والعملية
ولا يسمح المقام بأن نصف هذه الحركة في دقائقها ولا أن نتتبعها إلى يومنا، ذلك أنا لا نستطيع أن نغضي عن العنصر السياسي تمام الإغضاء. فمن الواجب أن نبين مثلا أي قوى غنمتها المثل الخصيمة للديموقراطية، وكيف أن التقاليد الأدبية، والتصوف الأدبي