الأخلاق وأبذأ الوقاحات. . . حتى إذا كان للمعارف يوماً من الأيام وزير قوي الخلق غيور ذو نخوة، وأذاع على موظفيه بلاغاً يحظر فيه رجال التعليم ارتياد مباءات السقوط، أمضى هؤلاء البلاغ، وهرعوا من فورهم سراعاً إلى حاناتهم تلك، فشربوا نخب البلاغ معربدين معطعطين، وأصابت فيهم الوقاحة المتسفلة أحط دركاتها
أجل. . . أيها الأعزاء. . . منا كل ذلك، ومنا شر من ذلك مما لا أستطيع التصريح به. . . فإن كنتم لا تتوقعون من هذه الجراثيم الطفيلية خيراً، لا لأنفسهم ولا لبلادهم ولا لأمتهم، فهذا هو الذي وقع، وإن قدّرتم أنهم يأتون على أمتن القواعد من أساسها، فهذا ما أريد منهم، وهذا ما عصف ببنائنا من قواعده. وإن عزوتم ما في البلاد من كرامة وفضيلة إلى غمار الشعب وطلبته المعصومين وبعض خاصته المهذبين فأنتم على صواب
وإياكم أن تظنوا أن هذه السموم التي حملناها - شاعرين أو غافلين - هي محصول وطنكم، أو أن بلدكم مما ينبت هذه الرذائل، وفي فطنتكم غنىً عن التصريح، وصدق الله العظيم
وبعد، فاحسبني عددت - بأوجز لفظ - بعض الأسباب في إخفاق جيلنا، مما تسمح به الظروف، وعسى أن ينفّس الله الخناق فأعود ببعض التفصيل لما أجملت؛ فإن وقاكم الله - أيها الطلاب - هذه الشرور، وحمى جيلكم من هذه الآفات وتوابعها، كونتم بأيسر سبيل عماد البلاد الحقيقي قوياً سليماً
وإن كان لا بد من نصيحة إيجابية بعد ما تقدم، فهي في أن تأخذوا من مدينة الغرب أسباب القوة المادية كلها: في العلم والتنظيم والصناعات. . . أما غذاء أرواحكم وقانون أخلاقكم، فانشدوهما في تراثكم المجيد. . . وحذار حذار أن تخدعوا عما مدت لصرفكم عنه الأحابيل، وتنوعت المكائد، ولطفت الحيل، ودقت الأساليب، وخفيت الحظوات. . . ألا وهو: دينكم وثقافتكم؛ عُضُّوا عليها بالنواجذ، ففيهما - أيها الناشئون - كل قوتكم وعماد سلامتكم، أفراداً وجماعات. . .
لا تحيدوا عن سماحة القرآن وسمّو الإسلام وتعاليمه قيد شعرة، وكونوا في ذلك رجالاً كل الرجال
وتضلعوا جهد طاقتكم من تاريخكم المجيد ولغتكم الكريمة، ساميين عظيمين كما خلقهما الله،